تجوز الشهادة عليه كما لو ادعى على أبيه الميت ولا بينة فإنه يكفيه الحلف بعدم العلم ولا يمين في حد بل إن قامت بينته الحسبة حكم بمقتضاها وإلا سقطت الدعوى بل ربما يحد المدعي أو يعزر باب الشهادة وهي من المصالح الكلية التي يتوقف عليها النظام ويرتبط به أمور الخاص والعام و المشهور أنه يجب تحملها لكفاية حسما لمادة المنازعات الثائرة من تركه ولقوله عز وجل ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا على ما فسر في طريق أهل البيت (ع) من أن المراد بالشهداء المدعوون للشهادة وتسميتهم شهداء من مجاز المشارفة مثل من قتل قتيلا والمخالف في ذلك ابن إدريس عملا بالأصل وطعنا في الأخبار ومنعا لدلالة الآية لظهورها في الأداء فإن اطلاق الشهيد حقيقة إنما هو بعد التحمل وأجيب بأنها في معرض الإرشاد بالاشهاد للأمر بالكتابة حال التداين بقوله إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ونهى الكاتب عن الإباء بقوله ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب ثم الأمر بالاشهاد بقوله واستشهدوا شهيدين من رجالكم ونهى الشاهد عن الإباء بقوله ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا فالسياق يقتضي إرادة التحمل وأما الأمر بالأداء فإنما هو في آخر الآية أعني قوله ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه فلو حمل هذا أيضا على ذلك لزم التأكيد والتأسيس خير منه وأداءها كذلك يجب كفاية إن زاد عدد الشهود على العدد المعتبر في اثبات الحق المتنازع وأن لا يزد بل يساويه أو ينقص عنه بما ينجبر باليمين فعينا كلاهما مع الاستدعاء أي إذا كان قد استشهد بالالتماس بالكتاب والسنة والاجماع كما في المفاتيح أما بدونه فاحتياطا فالمشهور الوجوب أيضا لعموم الأدلة ولأنها أمانة جعلت عنده فوجب عليه الخروج منها كما أن الأمانات المالية تارة تحصل عنده بقبولها وأخرى بغيره كإطارة الريح ونحوها خلافا للشيخ وغيره للروايات المستفيضة كصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) إذا سمع الرجل الشهادة ولم يشهد عليها فهو بالخيار فإن شاء شهد وإن شاء سكت وفي آخرها لأنهما لم يشهداه وخصه الصدوق بما إذا كان على الحق غيره من الشهود فمتى علم أن صاحب الحق المظلوم ولا يحيى حقه إلا بشهادته وجب عليه إقامتها ولم يحل له كتمانها فقد قال الصادق (ع) العلم شهادة إذا كان صاحبها مظلوما فلو لم يعلم صاحب الحق بشهادة الشهود لنسيان أو لكون الدعوى موروثة أو نحو ذلك وجب عليهم اعلامه ذلك كفاية أو عينا هذا ما قرره في المفاتيح وما ذكره من التفصيل في الأداء بالعيني والكفائي واشتراط القسمين جميعا بالاستدعاءات بعينه في التحمل وقد نص في الآية الكريمة على اشتراط الدعوة ويمكن تنزيل عبارة الكتاب عليه على بعد وفي الأداء يشترط الاستدعاء بوجه آخر أيضا وهو التماس من له الحق من الشاهد أن يحضر عند الحاكم لأداء الشهادة لأنه من الحقوق المتوقفة على المطالبة فلا يجب الابتداء به وهو واضح وإنما يجب التحمل والأداء على الوجهين إذا أمكنا من غير تحمل ضرورة ولا مؤنة بهما فإن تضرر الشاهد أو احتاج إلى سفر يفتقر فيه إلى المركوب وغيره سقط الوجوب إلا أن يكفاه المشهود له ذلك ويشترط في قبول شهادة المؤدي دون المتحمل أمور أحدها البلوغ فترد من الصبي مطلقا لعدم قبول قوله على نفسه فكيف على غيره ولقوله (تع) من رجالكم إلا من المميز في الخروج خاصة على المشهور مطلقا عند قوم وما لم يبلغ النفس عند آخرين وبشرط أن يكون اجتماعهم على مباح عند الشيخ وأن لا يتفرقوا قبل أداء الشهادة عند جماعة لرواية طلحة بن زيد شهادة الصبيان جايزة بينهم ما لم يتفرقوا ويرجعوا إلى أهليهم وبشرط بلوغ العشر سنين عند بعضهم وقيل بقبول شهادة ذي العشر مطلقا لرواية أبي أيوب عن إسماعيل بن جعفر إذا كان للغلام عشر سنين جاز أمره وجازت شهادته وليست حجة ولم أقف على رواية متضمن قبولها في الجروح مطلقا نعم روى ثقة الاسلام والشيخ في الحسن وغيره عن جميل بن دراج قال قلت لأبي عبد الله (ع) تجوز شهادة الصبيان قال نعم في القتل ويؤخذ بأول كلامه ولا يؤخذ بالثاني منه وعن محمد بن حمران مثله والتعويل على أن لفظ الروايتين وإن كان القتل إلا أنه يدخل فيه الحرج بطريق أولى مما لا تعويل عليه فلا يلايمه التقييد بما لم تبلغ النفس بل إن يعمل بهما من غير تصرف أو تطرحا ويرجع إلى الأصول الشرعية من عدم قبول شهادتهم مطلقا كما يحكى عن فخر المحققين حملا للروايتين على ما إذا ثبت بها الاستفاضة بناء على الغالب من وقوع الجراح بينهم في اللعب حال اجتماعهم بكثرة يمكن أن يثبت بها الاستفاضة والتهجم على الدماء بخير الواحد خطر وتقييد النص المعتبر أو طرحه من غير ثبت أخطر والثاني كمال العقل ومن لوازمه التيقظ فترد من المجنون بلا خلاف مطلقا إلا إذا كمل عقله في غير دوره واستحكمت فطنته فتقبل لزوال المانع ومثله المغفل الذي لا يحفظ ولا يضبط ويدخل فيه التزوير والغلط وهو لا يشعر لعدم الوثوق بقوله وكذا من يكثر غلطه ونسيانه ومن لم يتنبه لمزايا الأمور المتكررة وتفاصيلها إلا أن يعلم عدم غفلته عما يشهد به لكون المشهود به مما لا يسهو فيه غالبا وعلى الحاكم أن يفتش عن حالة من هذه حاله إلى أن يغلب على ظنه علمه و تيقظه والثالث الاسلام فترد من الكافر مطلقا إلا في الوصية بالمال فتقبل من الذمي العادل خاصة مع فقد المسلم العادل عند الموت ولو وجد مسلمان فاسقان فالذميان العدلان أولى كما هو ظاهر الآية وهل يشترط بالسفر أم يجري اشتراطه فيها مجرى الغالب الأكثر ومنهم المصنف على الثاني وأوجب بعضهم تحليفهما بصورة الآية قائلين لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين ونفى عنه البعد في المفاتيح والشيخ أجاز شهادة أهل كل ملة على مثله لمثله وابن الجنيد لغير مثله أيضا وفي حديث سماعة سألت أبا عبد الله (ع) عن شهادة أهل الملة فقال لا تجوز إلا على أهل ملتهم وفي صحيحة الحلبي عنه (ع) هل تجوز شهادة أهل ملة على غير أهل ملتهم قال نعم إذا لم يجد من أهل
(٢٠٩)