إضافة التمثال إلى الجسد لا ينافي ثبوت الكراهة في غير ذوات الأجساد كما تقدم في كتاب الصلاة فإذا غيرت رؤسها أو عيونها أو سترت أو كانت فيما يوطئ كالفراش أو غير ذوات الأرواح كالورد والشجر وشبهه فلا بأس به بل هي أخف كراهة ويكنس البيت فعن أبي جعفر (ع) أنه ينفي الفقر والظاهر أن المراد بالبيت ما يرادف الدار ولا يؤوى التراب خلف الباب فإنه مأوى الشياطين كذا في النبوي و غيره وورد فيه أيضا بيت الشيطان من بيوتكم بيت العنكبوت وعن أمير المؤمنين (ع) أن تركه في البيت يورث الفقر ويتخذ في الدار شيئا من الدواجن شاة أو دجاجة أو حمامة أو هرة ونحوها ليلتهي به صبيان الجن فلا يعبثوا بصبيانه ولا يدخل بيتا مظلما إلا بسراج لنهي النبي صلى الله عليه وآله عنه وكراهته له في حديث الوصية وغيره ليلا كان أو نهارا للاطلاق والتقييد في بعضها بالليل لا يقتضي التخصيص و يسرج قبل الغروب فعن الرضا (ع) أسرج السراج قبل أن تغيب الشمس فإنه ينفي الفقر وينتقل من حر الصيف إلى داخل ومن برد الشتاء إلى خارج ليلة الجمعة تأسيا برسول الله صلى الله عليه وآله كما في بعض الروايات أو يومها كما في بعضها أو من الشتاء يوم الخميس ومن الصيف يوم الجمعة كما في بعض آخر وأما الانتقال من الصيف يوم الخميس ومن الشتاء يوم الجمعة فهو أعرف بمأخذه ويشبه أن يكون سهوا وينظف الفناء وهو بكسر الفاء المتسع أمام الدار وفي النبوي وغيره اكنسوا أفنيتكم و لا تشبهوا باليهود وعن الرضا (ع) كنس الفناء يجلب الرزق ويدعو عند دخول الدار والخروج عنها بالمأثور وهو اللهم لك خرجت ولك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت اللهم بارك لي في يومي هذا وارزقني فوزه وفتحه ونصره وطهوره وهداه وبركته واصرف عني شره وشر ما فيه بسم الله وبالله والله أكبر والحمد لله رب العالمين اللهم إني خرجت فبارك لي في خروجي وانفعني به إذا دخل منزله قال ذلك وروي في الخروج غير ذلك ويسرع في المشي إلى البيت عكس المشي إلى السوق ولا يمشي الرجل بين المرأتين ولو كانتا محرمين فورد أنه نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن ذلك وما قيل إن المراد المشي بينهما للتكبر كما كان عادة الجاهلية ففي غاية البعد ويترك الطريق إلى النساء لا يزاحمهن فيه ويميط الأذى عن الطريق فهي من أبواب الايمان ولا يختال في مشيه بهز الأطراف والتبختر فهو من آثار ذميمة الكبر وقد ورد النهي عنه بالخصوص في قوله (تع) لا تمش في الأرض مرحا والمرح هو الاختيال ويأخذ العصي في الكبر فهو سنة الأنبياء وعن النبي صلى الله عليه وآله من بلغ أربعين ولم يأخذ العصي فقد عصى وينصب بابا على الدار بل على كل بيت فهو أحرز ويغلق الباب ليلا ويخبئ المفتاح مسميا حين الغلق ميامنا أي مبتدئا به من جانب يمين الباب أو المراد الغلق باليد اليمنى باب المنام و المعتدل منه يمكن القوة والطبيعة من أفعالها بسبب احتباس الحرارة في الباطن ومن ثم يهضم الطعام هضومه الأربعة ويريح القوة النفسانية عما عرضها من اعياء وفرط تحلل وحقه أن يعرض نفسه أولا على الخلاء ليلا أو نهارا ثم يكون نومه على طهارة فلا ينام جنبا ولا من غير وضوء لعمومات الكون على الطهارة وما ورد عن أمير المؤمنين (ع) لا ينام المسلم وهو جنب ولا ينام إلا على طهور وأما التعليل بأن يبيت وفراشه كمسجده كما في رواية حفص بن غياث وما في معناها فغير ظاهر الشمول للنوم نهارا ولتكون رؤياه صادقة كما في رواية أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله (ع) الرؤيا الصادقة والكاذبة مخرجهما من موضع واحد قال صدقت أما الكاذبة المختلفة فإن الرجل يراها في أول ليله في سلطان المردة والفسقة وإنما هو شئ يخيل إلى الرجل وهي كاذبة مخالفة لا خير فيها وأما الصادقة إذا رآها بعد الثلثين من الليل مع حلول الملائكة وذلك قبل السحر فهي صادقة لا تختلف انشاء الله إلا أن يكون جنبا أو يكون على غير طهور ولم يذكر الله عز وجل حقيقة ذكره فإنها تختلف وتبطي على صاحبها فإن كان قد دخل فراشه وشق عليه الخروج للوضوء فليتيمم بغبار بساطه والمروي من دثاره وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا آوى إلى فراشه يعد الطهور والسواك للقيام و يكتحل ليلا قبل أن ينام بالأثمد بكسر الهمزة والميم وهو الكحل الأصبهاني ثلاثا في كل عين كما في بعض الروايات أو ثلاثا في اليمنى واثنتين في اليسرى كما في بعضها أو أربعا في اليمنى وثلاثا في اليسرى كما في آخر وورد في حديثه صلى الله عليه وآله عليكم بالأثمد عند مضجعكم فإنه يزيد مما في البصر وينبت الشعر أي في الجفن كما في حديث أبي عبد الله (ع) وورد في الاكتحال بالأثمد أيضا عنه وعن أبيه (ع) أنه يطيب النكهة ويشد أشفار العين ويذهب بالدمعة وفي مطلق الكحل أنه يعذب الريق ويزيد في المباضعة ويعين على طول السجود أما الأولان فلتقويته الأرواح الدماغية وأما الأخير فلشدة أشفار العين كما ذكر فإنها إذا كانت ضعيفة تتضب إليها الرطوبات عند السجود ويتأذى بذلك فيشق تطويله وعن أبي عبد الله (ع) أنه بالليل ينفع البدن وفي بعض نسخ الكافي العين وهو بالنهار زينة وأن ينوي القيام ليلا للعبادة فإن وفق له وإلا أثيب بنيته فلكل امرئ ما نوى كما مر وينبغي أن يجتهد له فإنه من مناجاة السر والخلوة بالحبيب وورد في مدح المتهجدين والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما وعن النبي صلى الله عليه وآله ركعتان في جوف الليل خير من الدنيا وما فيها ولولا أن أشق على أمتي لفرضتهما وطالب الدنيا إذا تقاعد عن تحصيل منافع يقدر على تحصيلها بأهون سعي ايثار اللذة الراحة والكسل يعظم حسرته عليها إذا فاتته ولا سيما إذا رأى أكفائه قد تسابقوا إليها فما أعظم حسرة من تقاصر عن مثل هذا الحظ العظيم يوم يرى السابقين إليه قد فازوا بجوائزهم وقد ذهبت عنه لذته الناقصة البتراء وبقيت عينه العبراء ويده الصفراء والمعين عليه أمور وجودية وعدمية بعضها رفع للمانع وبعضها ايجاد للمقتضي أحدها أن لا يكثر الأكل ولا سيما من الأغذية الغليظة ليكثر شرب الماء بسبب الالتهاب فيكثر النوم بسبب غلبة الرطوبة واعياء الطبيعة واستعانتها على الهضم بطول النوم وقد سبق نقل كلام بعض المشايخ لمن على سفرته لا تأكلوا كثيرا فتشربوا كثيرا فترقدوا كثيرا فتحسروا كثيرا وثانيها أن لا يتكلف في أعماله بتعاطي أمور تعيي الأعضاء
(٣١٧)