كما في المدارك دفعا للعسر والحرج باب حرمة الحرم زيادة على ما ذكر في تضاعيف الآداب والسنن يحرم من الصيد على المحل في الحرم ما يحرم على المحرم في الحل مما سبق في المحرمات باجماع العلماء كما في المنتهى وغيره ويلزمه ما يلزمه من الكفارة مما تقدم بيانه والمشهور فيه القيامة كما استفاضت به الروايات وحكم به في المفاتيح بلا خلاف يعتد به تعريضا بما يحكى عن الشيخ من وجوب دم عليه فلو فعله المحرم فيه تضاعفت عليه الكفارة وفاقا لابن الجنيد فلو قتل حمامة كان عليه شاتان وهكذا لحسنة معاوية بن عمار إن أصبت الصيد وأنت حرام في الحرم فالفداء مضاعف عليك والمشهور أن المراد بالتضاعف هو وجوب المثل للمنصوص والقيمة مجازا وربما يحمل عليه كلام ابن الجنيد أيضا و يمكن تنزيل عبارة الأصل عليه أيضا على بعد حتى ينتهي إلى البدنة فواحدة وفاقا للشيخ ومن وافقه لرواية الحسن بن علي إنما يكون الجزاء مضاعفا قيما دون البدنة حتى يبلغ البدنة فإذا بلغ البدنة فلا تضاعف لأنه أعظم ما يكون وخلافا للمشهور حيث أطلقوا القول بالتضعيف من غير غاية وابن إدريس نص عليه مع بلوغها وإن كان الصايد في أحدهما والصيد في الآخر أو كان الصيد فيهما مبعضا أو على شجرة أصلها في أحدهما وفرعها في الآخر غلب جانب الحرم وفي صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) شجرة أصلها في الحرم وفرعها في الحل قال حرم فرعها لمكان أصلها قلت أصلها في الحل وفرعها في الحرم قال حرم أصلها لمكان فرعها ومن أدخل صيدا من الحل إلى الحرم زال عنه ملكه ووجب عليه إرساله وحرم ذبحه وامساكه فلو أمسكه حتى مات فعليه الفداء كما في رواية بكير وكذا لو أخرجه عن يده فتلف قبل بلوغ الحل سواء كان بسببه أو بغيره وقوله أو صيدا آخر منه معطوف على ضمير المفعول والمراد بيان حكم صورة العكس وهي ما لو أخرج صيدا من الحرم إلى الحل فإنه يجب عليه إعادته فلو تلف قبل ذلك ضمن قيمته للتصدق لكن ادراجه فيما يتفرع على وجوب الارسال المترتب على ادخاله من الحل إلى الحرم غير ملايم وهو من الايجازات المخلة ولو كان مقصوصا طايرا وجب حفظه والقيام بمؤنته حتى يكمل ريشه فيرسله سواء كان هو القاص أو غيره ولو ضاق وقته أودعه ثقة يقوم بذلك وصيد الحرم ميتة بالاجماع على المحل والمحرم سواء صاده محرم أو محل أما لو صاده محل في الحل وذبحه ثم أدخله الحرم فهو حلال للمحل ولا بأس للمحل بقتل البراغيث والقمل والبق والنمل فيه بالاجماع والنصوص ويكره الاصطياد فيما بينه وبين أطرافه إلى بريد من كل جانب وهو حرم الحرم فإن من رتع حول الحمى أو شك أن يقع فيه والمفيد ألزم به الفداء وله صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (ع) إذا كنت محلا في الحل فقتلت صيدا فيما بينك وبين البريد إلى الحرم فإن عليك جزاؤه وحملت في المشهور على الاستحباب والبريد أربعة فراسخ وأصله أنهم كانوا ينصبون على الطريق أعلاما إذا بلغها الراكب نزل فسكن ما به من حر وتعب ببرده في ذلك الموضع أو نام ليستريح والنوم يسمى بردا أو إذا بلغها البريد وهو الرسول سلم ما معه من الكتب إلى غيره ليوصلها والأصل فيه أنهم كانوا يربون لمنفذي الأخبار والسوانح بغالا مخذوفة إلا ذباب يقال لها يريده دم يزعمون أنها أخف سيرا أو علامة لها ثم خففت وعربت فقيل البريد ثم توسع باطلاقه على دابة الرسول بغلا كانت أو غيره ثم على الرسول راكبا كان أو راجلا ثم سميت المسافة بريدا وأما ما في حديث سليما بن حفظ المروزي عن الفقيه (ع) في مسافة التقصير أن البريد ستة أميال وهو فرسخان فيحتمل الحمل على الأميال والفراسخ الخراسانية التي هي ضعف العرفية العامة بقرينة الراوي سواء كان من كلامه أو كلام الفقيه وهو أولى من الحمل على خطأ الراوي كما استصوبه في الوافي ويحرم قطع شجر الحرم وحشيشه من البقول والزروع والرياحين المأكول وغيره إلا ما أنبته فيجوز له قطعه بنفسه وبغيره وربما يلحق به ما نبت في ملكه واستضعف مستنده في المفاتيح وشجر الفواكه ومنها النخل وعودي المحالة بفتح الميم وهي البكرة التي يستقي بها وشجر الإذخر بكسر الهمزة وما يرعاه الإبل كما في صحيحة حريز يخلى عن البعير في الحرم يأكل ما شاء وفي الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أما شئ يأكله الإبل فليس به بأس أن تنزعه واليابس لتعلق النهي بالخلا وهو الرطب من النبات بنص أهل اللغة فيرجع فيه إلى الأصل فإن قلع غير ذلك إثم ولا كفارة وإن تصدق بثمنه احتياطا خرج من خلاف من أوجبه وإن كان في الأخير غير معروف المستند و أحوط منه ما نقل عن الشيخ مدعيا عليه الاجماع وهو بقرة في الشجرة الكبيرة وشاة في الشجرة الصغيرة والقيمة في الأبعاض والمرجع فيهما إلى العرف وفي مستنده قصور سند أو دلالة ومن جنى ما يوجب حدا أو تعزيرا أو قصاصا في النفس أو الأطراف أو ثبت عليه حق يؤاخذ به ولجأ إلى الحرم خوفا من المؤاخذة لا يطعم ولا يسقى ولا يكلم ولا يبايع ولا يؤوى حتى يضطر إلى أن يخرج منه فيؤاخذ به إلا أن يفعل ذلك فيه فيؤاخذ وهو صاغر لأنه لم ير للحرم حرمة وقد قال الله عز وجل فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم يعني في الحرم ولا عدوان إلا على الظالمين كذا في صحيحة ابن عمار وغيرها وموردها جميعا الحدود والجنايات دون ثبوت الحق مطلقا ومن ثم اقتصر في دين المفاتيح على نقله عن الجماعة مشعرا بتمريضه وربما يلحق بالحرم في ذلك مسجد الرسول ومشاهد الأئمة (ع) لاطلاق اسم الحرم عليها في بعض الروايات ولمناسبة التعظيم ولقطة الحرم لا نملك و إن قل عن الدرهم احتياطا لتعارض الروايات فيها فتعرف سنة كما يأتي في باب اللقطة ثم إن لم يعرف صاحبها يتصدق بها عنه فإن جاء ورضي بالأجر وإلا غرمها الملتقط والأجر له و قيل بل لا ضمان عليه أو يجعل أمانة شرعية في يده أو يد من يأتمنه هو أو الحاكم وفي تحريم أخذه أو كراهته قولان والمستيقن لا يأخذها فإن أخذها تصدق بها بعد التعريف وعن أبي عبد الله (ع) اللقطة لقطتان لقطة الحرم تعرف سنة فإن وجدت لها طالبا وإلا تصدقت بها
(١٩٥)