والمنزل عادة ولو بذل ما عليه قيل يجب القبول ويسقط التكليف بالاحضار لحصول الغرض من الكفالة وقال آخرون هذا فيما يمكن أخذه من الكفيل كالمال أما ما لا يمكن كالقصاص وزوجية المرأة فلا بد من الاحضار مع الامكان وإلا فإن كان له بدل كالدية في القتل وإن كان عمدا ومهر مثل الزوجة وجب البدل والمصنف ومن وافقه على أنه لا يتعين على المكفول له قبل الحق بل له إلزامه بالاحضار مطلقا لعدم انحصار الأغراض في أداء الحق كيف اتفق خصوصا فيما بدله اضطراري وفي عدة روايات أنه أتى أمير المؤمنين (ع) رجل تكفل بنفس رجل فحبسه وقال اطلب صاحبك وإن تعذر تسليمه إلى المكفول له لضعف الكفيل أو بعد المسافة ونحو ذلك أو رضيا بأداء الكفيل عن المكفول ما عليه من الحق أو بدله أداه وبرأ ثم إن كان الأداء المتعقب عن رضا المكفول له أو الكفالة مع تعذر الاحضار بإذن المكفول عنه رجع إليه بما أداه عنه في الصورتين وإن كان في الأولى قد كفل بغير إذنه لو لم تشترطه فإنه لا يقصر عن الأجنبي الذي يؤدي دين المديون بإذنه وهذا بخلاف الضامن الغير المأذون إذا أدى فإنه لا يرجع على المضمون عنه كما مر وإن أدى بإذنه لانتقال المال إلى ذمته بالضمان فلا ينفعه بعده الإذن في الأداء لأنه كإذن البرئ للمديون في أداء دينه وأما في الثانية فلأن ذلك من لوازم الكفالة والإذن فيها إذن في لوازمها وإلا فلا رجوع به عليه لأن الكفالة لم تتعلق بالمال بالذات وإنما يؤدي الكفيل لمصلحة نفسه فلا يرجع على غيره وكل من أطلق غريما أي مأخوذا بحق من يد صاحب الحق قهرا أو غيلة فهو بمنزلة الكفيل يلزمه احضاره أو أداء ما عليه وعلل بأنه أزال اليد المستولية المستحقة من صاحبها فكان عليه إعادتها أو أداء الحق الذي بسببه ثبتت اليد عليه ولا يرجع بما يؤدي على المطلق إذا لم يأمره بدفعه إذ لم يحصل من الاطلاق ما يقتضي الرجوع كذا قالوه ولو قيل بجواز الرجوع عليه إذا كان الاطلاق عن إذنه كان حسنا ووجهه معلوم مما تقدم والمأثور في الباب صحيحة حريز عن أبي عبد الله (ع) في رجل قتل رجلا عمدا فرفع إلى الوالي فدفعه الوالي إلى أولياء المقتول ليقتلوه فوثب عليهم قوم فخلصوا القاتل من أيدي الأولياء قال أرى أن يحبس الذين خلصوا القاتل من أيدي الأولياء حتى يأتوا بالقاتل قيل فإن مات القاتل وهم في السجن قال فإن مات فعليهم الدية يؤدونها جميعا إلى أولياء المقتول فتأمل باب الوكالة بفتح الواو وكسرها وهي استنابة في التصرف بالذات فإن الوكيل نايب عن الموكل وشرطها أهليتهما بالبلوغ والعقل وجواز تصرف الموكل فيما وكل فيه وصدور ما يدل عليها ايجابا وقبولا منهما ولو إشارة مفهمة في الايجاب وفعلا دالا على الرضا في القبول بلا خلاف ولا يلزم فيهما الاقتران ومن شرطها أيضا أمور ثلاثة أحدها عدم التعليق احتياطا عن مخالفة المشهور وأما تعليق التصرف فقد صرحوا بجوازه ما لو كانت الوكالة منجزة فلو قال أنت وكيلي في شراء دار زيد في الشهر القابل صح بلا خلاف بخلاف ما لو قال إن أهل الشهر القابل فأنت وكيلي واعتذروا للفرق مع اشتراكهما في معنى التعليق بأن العقود المتلقاة من الشارع منوطة بضوابط مرعية فلا تقع بدونها وإن أفاد فائدتها وهو إنما يقبل مع وجود نص صريح في اشتراطه تنجيز الوكالة ومغايرته لتنجيز التصرف ولم أقف على شئ منهما وثانيها خلوها عن الغرر فلو وكله مطلقا في التصرف في ماله كيف شاء أو في شراء عبد أو دابة أو نحوهما مما يتوغل في الابهام ويصدق اسمه على أصناف كثيرة تختلف فيها الرغبات لم يكن ذلك كافيا بل لا بد من التحديد والوصف ولو على بعض الوجوه بحيث يخرج الجهالة المطلقة وقيل إن فعل الوكيل لما كان مقيدا بالمصلحة فالجهالة منتفية بالرجوع إلى المتعارف المناسب لحال الموكل وقد وقع الاجماع في القراض على جواز أن يأمر المالك بشراء شئ مع أن الشئ أشد توغلا في الابهام وهو متجه مع علم الوكيل بدخيلة رأي الموكل وإن كان البيان مطلقا أحوط وثالثها أن يكون الفعل الموكل فيه مما للموكل أن يليه بنفسه وتصح النيابة فيه بأن لا يتعلق غرض بايقاعه منه مباشرة لا شرعا ولا عقلا كالعتق والطلاق فإن الغرض فيهما مقصور على فلك الملك والزوجية سواء انشاءه المالك أو غيره والخلاف في وكالة الطلاق عن الحاضر شاذ أما ما تعلق الغرض فيه بمباشرة الفعل من المباشر المعين إما شرعا أو شرعا وعقلا كالعبادة ومضاجعة الزوجة ووطئها وقسم ما بين الزوجات فلا تصح الوكالة فيه وهي جايزة من الطرفين إلا أن تكون مشروطة في الرهن فتلزم من الموكل كما سبق أو في غيره من العقود اللازمة فمن المشروط عليه على الخلاف وفيما عدا ذلك لكل منهما الفسخ في حضور الآخر و غيبته فإن فسخ الوكيل انعزل مطلقا وإن فسخ الموكل فعليه الاعلام بمشافهته بذلك أو ابلاغه الخبر وإلا لم ينعزل وكانت تصرفاته ممضاة على الموكل مطلقا على أصح الأقوال وأشهرها ولو ادعى الموكل اعلام الوكيل وأنكر ولا بينة فالقول قول الوكيل مع يمينه لصحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع) في رجل وكل آخر على وكالة في أمر من الأمور وأشهد له بذلك شاهدين فقام الوكيل فخرج لامضاء الأمر فقال اشهدوا أني قد عزلت فلانا عن الوكالة فقال إن كان الوكيل أمضى الأمر الذي وكل فيه قبل العزل فإن الأمر واقع ماض على ما أمضاه الوكيل كره الموكل أم رضي قلت فإن الوكيل أمضى الأمر قبل أن يعلم العزل أو يبلغه أنه قد عزل عن الوكالة فالأمر على ما أمضاه قال نعم قلت له فإن بلغه العزل قبل أن يمضي الأمر ثم ذهب حتى أمضاه لم يكن ذلك بشئ قال نعم إن الوكيل إذا وكل ثم قام عن المجلس فأمره ماض أبدا والوكالة ثابتة حتى يبلغه العزل عن الوكالة بثقة يبلغه أو يشافه بالعزل عن الوكالة وعن معاوية بن وهب عنه (ع) من وكل رجلا على امضاء أمر من الأمور فالوكالة ثابتة أبدا حتى يعلمه بالخروج منها كما أعلمه بالدخول فيها وفي حديث العلاء بن سيابة أن أمير المؤمنين (ع)
(٢٥٦)