بمأخذه وعن أبي الحسن (ع) لا تدع الحجامة في سبع من حزيران فإن فاتك فلأربع عشرة وسابع حزيران في دهرنا هذا يصادف حلول الشمس الدرجة السابعة والعشرين من الجوزاء بحسب الزيج السمرقندي الذي هو معول المتأخرين وورد أن الحجامة تزيد في العقل وتزيد الحافظ حفظا إلا في القفاء وهو نقرة الرأس فورد أنه يورث النسيان وذلك لأنه يضعف روح القوة الحافظة لمجاورته لتجويفه ويجتنب الكي سواء كان على الأعضاء الرئيسة أو غيرها ففيه مطلقا خوف السراية إلى النفس أو ضرر أعظم مما يعالج منه وإن كان في الأول أقوى والرقية وهي كما تقدم ما يرقى به صاحب الآفة غير قرآن ولا دعاء و نهى عنهما في بعض الروايات العامية وفي صفة أهل الجنة الذين يدخلونها بغير حساب هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون وفيه إيماء إلى أن علة النهي هي المنافاة لدرجة التوكل وورد أيضا أنه كوى سعد بن معاذ لينقطع دم جرحه ومن طريق أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يتكوى بالنار وربما تخلص قال قد اكتوى رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وهو قائم على رأسه و في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر (ع) هل يعالج بالكي فقال نعم إن الله جعل في الدواء بركة وشفاء وخيرا كثيرا وما على الرجل أن يتداوى ولا بأس به فتحمل المناهي إن صحت على ما كان متعارفا بينهم من الاكتواء للاحتراز عن حدوث المرض قبل الحاجة إليه فإنه المنافي للتوكل والرخص إلى ما بعد الاحتياج وأما خوف السراية مطلقا فممنوع وقد وردت الرخصة في الرقية أيضا وهي محمولة على ما كان قرأنا أو دعاء فورد في النبوي فيمن رقى بالقرآن وأخذ عليه أجرا من أخذ برقية باطل فقد أخذت برقية حق وفي حديث جابر أنه صلى الله عليه وآله قال أعرضوها علي فعرضناها فقال لا بأس بها إنما هي مواثيق وما كان بغير العربية من الألفاظ التي لا يعرف ترجمتها فالوجه فيها التوقف وعلى المريض أن لا يكثر الشكوى كأن يقول لقد ابتليت بما لم يبتل به أحد دون سهرت البارحة وحممت اليوم بل يتلقى بلواه بصبر جميل وفسر في حديث جابر بصبر ليس فيه شكوى إلى الناس لينال الأجر الجزيل الموعود للصابرين وينبغي أن يؤذن إخوانه بمرضه فيعودونه فيوجر فيهم ويؤجرون فيه ويأذن العائدين بالدخول عليه فإنه ليس من أحد إلا وله دعوة مستجابة ويجب على المذنب أن يتوب وتقبل منه وإن بلغت نفسه إلى حلقه مطلقا إلا أن يعاين ففي النبوي من تاب قبل موته بسنة قبل الله توبته ثم قال إن السنة لكثير من تاب قبل موته بجمعة قبل الله توبته ثم قال إن الجمعة لكثير من تاب قبل موته بيوم قبل الله توبته ثم قال إن اليوم لكثير من تاب قبل أن يعاين قبل الله توبته وفي أخرى من تاب قبل موته بساعة قبل الله توبته ثم قال إن الساعة لكثيرة من تاب قبل أن يغرغر بها تاب الله عليه وفسرت الغرغرة بتردد الروح في الحلق وقت النزع وفي أخرى من تاب وقد بلغت نفسه هذه وأهوى بيده إلى حلقه تاب الله عليه ويستفاد منها أن المراد ببلوغ النفس الحلق قبيل الغرغرة وأن الغرغرة والمعاينة متحدتان وقتا وعليه يحمل حضور الموت في الآية الكريمة إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن وعن أبي عبد الله (ع) في تفسيرها قال ذلك إذا عاين أمر الآخرة وعن ابن عباس أي يرى ملك الموت وأن ما قيل من احتمال أن يراد بالمعاينة في الحديث العلم بحلول الموت وقطع الطمع من الحياة وتيقن ذلك كأنه يعاينه ليس بسديد لاحتمال حصول هذا العلم قبل الموت بساعة بل يوم أو جمعة وفي بعض الروايات التفصيل بالعلم والجهل فعن أبي جعفر (ع) إذا بلغت النفس هذه لم يكن للعالم توبة وكانت للجاهل توبة وعن أبي عبد الله (ع) مثله ثم قرأ إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة لكن في أخرى كل ذنب عمله العبد وإن كان عالما فهو جاهل حين خاطر بنفسه في معصية ربه فقد حكى الله سبحانه قول يوسف لإخوته هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون فنسبهم إلى الجهل لمخاطرتهم بأنفسهم في معصية الله عز وجل باب العيادة بكسر الفاء وهي تكرار الزيارة وكل من أتاك مرة بعد أخرى فهو عايد ثم غلبت في زيارة المريض ففيه تعميم وتخصيص وهي من وكيد السنن فورد من عاد مريضا من المسلمين وكل الله به أبدا سبعين ألفا من الملائكة يغشون رحله يسبحون فيه ويقدسون ويهللون ويكبرون إلى يوم القيامة نصف صلاتهم لعائد المريض وفي النبوي من عاد مريضا فلكل خطوة خطاها حتى يرجع إلى منزله سبعون ألف ألف حسنة ويمحى عنه سبعون ألف ألف سيئة ويرفع له سبعون ألف ألف درجة ووكل به سبعون ألف ألف ملك يعودونه في قبره ويستغفرون له إلى يوم القيامة وفيه يعير الله عبدا يوم القيامة فيقول عبدي ما منعك إذ مرضت أن تعودني فيقول سبحانك سبحانك أنت رب العباد لا تألم ولا تمرض فيقول مرض أخوك المؤمن فلم تعده ولو عدته لوجدتني عنده وهي ثابتة في كل مرض ولو يسيرا إلا في وجع العين فورد عن أبي عبد الله (ع) لا عيادة في وجع العين بالحمل على نفي الاستحباب لأنه أقرب المجازات أو على نفي التأكيد كما هو ظاهر العبارة جمعا بينها وبين ما روي أن أمير المؤمنين (ع) اشتكى عينه فعاده النبي صلى الله عليه وآله فإذا هو يصيح وينبغي أن يكون العايد في ثياب نظيفة وهيئة حسنة ووجه منبسط غير عابس انعاسا لنفس المريض مهديا إليه بتفاحة أو سفرجلة أو لعقة من طيب ونحوها أترجة أو قطعة من عود بخور ليستريح إليه كما في رواية أبي زيد جالسا عند ركبتيه مستقبلا لوجهه واضعا يده على المريض فإنه تمام العيادة كما في رواية أبي يحيى وفي أخرى على ذراعه وفي النبوي تمام عيادة المريض أن يضع أحدكم يده على جبهته أو على يده ويسأل كيف هو وظاهرها جبهة المريض ويده كما هو صريح الأولتين وفي رواية مسعدة بن صدقة من تمام العيادة أن يضع العايد إحدى يديه على الأخرى أو على جبهته وهي صريحة في يد العايد ظاهرة في جبهته وقوله سائلا كيف هو وكذا المنصوبات قبله الظاهر أنها أحوال مترادفة من الضمير المرفوع
(٣٤٦)