اتبعت سنة إبراهيم بذبح ولده وثمرة فؤاده وريحان قلبه وحاجة سنة لمن بعده وقربة إلى الله تعالى لمن خلفه قال لا قال فعندما رجعت إلى مكة وطفت طواف الإفاضة نويت أنك أفضت من رحمة الله تعالى ورجعت إلى طاعته وتمسكت بوده وأديت فرايضه وتقربت إلى الله تعالى قال لا قال له زين العابدين (ع) فما وصلت منى ولا رميت الجمار ولا حلقت رأسك ولا ذبحت نسكك ولا صليت في مسجد الخيف ولا طفت طواف الإفاضة ارجع فإنك لم تحج فطفق الشبلي يبكي على ما فرطه في حجه وما زال يتعلم حتى حج من قابل من قابل بمعرفة ويقين انتهى وكان الشبلي هذا إن صحت الرواية رجل من أهل شبله غير الشيخ المتأله الكبير أبي بكر المعروف بين المشايخ بالشبلي لأنه متأخر العهد عن زين العابدين (ع) بكثير وأما احتمال أن يكون المراد بزين العابدين أحد العلويين غير علي بن الحسين (ع) ففي غاية البعد ومما يضعفه وجود لفظة عليه السلام في جميع ما وجدناه من النسخ ومن الأدب أن يكون أشعث أغبر غير متزين كما في حديث أمير المؤمنين (ع) وغيره فإنه أبلغ في التذلل ومخالفة النفس وأن يمشي إن قدر على المشي خصوصا بين المشاعر من الميقات إلى عرفات إلى مكة فورد عن أبي عبد الله (ع) بعدة طرق و متون ما عبد الله بشئ أفضل من المشي وزيد في بعضها إلى بيته الحرام وعن أبي جعفر (ع) قال رسول الله صلى الله عليه وآله من حج بيت الله ماشيا كتب الله له سبعة آلاف حسنة من حسنات الحرم قيل وما حسنات الحرم قال حسنة ألف ألف حسنة وقال فضل المشاة في الحج كفضل القمر ليلة البدر على سائر النجوم وإنما يفضل المشي إذا كان على وجه التواضع لله سبحانه والتعبد وتحرى أحمز الأعمال واختيار أشق الطاعتين على النفس لا لتقليل النفقة والضنة بمؤنة الركوب مع اليسار فإن الركوب حينئذ أفضل كما ورد عن أبي عبد الله (ع) أنه سئل عن المشي أفضل أو الركوب فقال إذا كان الرجل موسرا فمشى ليكون أقل لنفقته فالركوب أفضل سيما لمن ضعف وساء خلقه بالمشي وقصر في العمل فورد أنه سئل (ع) عن الركوب فقال إن الناس يحجون مشاة و يركبون فقيل أي شئ أحب إليك نمشي أو نركب فقال تركبون أحب إلى فإن ذلك أقوى على الدعاء والعبادة وبعدة أسانيد أنه قيل له (ع) تريد الخروج إلى فقال لا تمشوا واركبوا فقيل له بلغنا أن الحسن بن علي (ع) حج عشرين حجا ماشيا فقال كان الحسن بن علي (ع) يمشي وتساق معه المحامل والرحال وبهذا التفصيل تجتمع اطلاقات تفضيل المشي والركوب وكان اعتبارهما وجهين كما فعله غيره أجود وأن يوفر الحاج شعر رأسه من أول ذي القعدة ومن أراد العمرة وفر شعره شهرا كذا في صحيحة ابن عمار وغيرها وظاهر النهاية وجوبه على المتمتع وفي رواية جميل عن أبي عبد الله (ع) في متمتع حلق رأسه بمكة أن تعمد بعد الثلاثين التي يوفر فيها الشعر فإن عليه دما يهريقه وهي قريبة مما في المقنعة فإذا بلغ الميقات نظف بدنه بإزالة غيره من التفث باطلائه سيما العانة والإبطين وغسله ودلكه وتقليم الأظفار والأخذ من الشارب واغتسل غسل الاحرام وقيل بوجوبه كما مر ولم يذكره المصنف في الأغسال المسنونة اكتفاء بما هنا ويعيد لو أكل أو لبس ما ليس له أو تطيب أو حدث قبله ويجوز تقديمه على الميقات إن خاف عوز الماء ويعيد إن وجده ولبس ثوبيه مرتديا بأحدهما مؤتزرا بالآخر ويجوز أكثر من ثوبين يتقي بها الحر والبرد كما ورد وليكونا من الكرسف تأسيا نظيفين غير وسخين ولا أسودين ولا مقدمين مشهورين ومن السنن أن لا يغسلهما قبل الاحلال وإن توسخ إلا لنجاسة فلا يلبسه حتى يغسله ولا يبيعهما بل يعدهما ليكفن فيهما فيكره اخراجهما من الملك مطلقا وأن يصلي فريضة ليحرم عقيبها وأفضلها صلاة الظهر أن اتفقت وإلا صلى ست ركعات نافلة وأحرم في دبرها كما في رواية أبي بصير أو ركعتين كما في صحيحتي معاوية بن عمار ويقرء في الأولى التوحيد وفي الثانية الجحد وإذا انفتل من صلاته يحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله ويدعو بالمأثور وهو اللهم إني أسئلك أن تجعلني ممن استجاب لك وآمن بوعدك واتبع أمرك فإني عبدك وفي قبضتك لا أوقى إلا ما وقيت ولا آخذ إلا ما أعطيت وقد ذكرت الحج فأسئلك أن تغرمني عليه على كتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وآله وتقويني على ما ضعفت عنه وتسلم مني مناسكي في يسر منك وعافية واجعلني من وفدك الذين رضيت وارتضيت وسميت وكتبت اللهم فتمم لي حجتي وعمرتي اللهم إني أريد التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وآله فإن عرض لي عارض يحبسني فحلني حيث حبستني بقدرك الذي قدرت علي اللهم إن لم حجة فعمرة أحرم لك شعري وبشري ولحمي ودمي وعظامي ومخي وعصبي من النساء والثياب والطيب أبتغي بذلك وجهك وإن لم يتفق له ذلك فلا يترك أن يشترط على ربه أن يحله حيث حبسه وإن لم تكن حجة فعمرة وهو مما لا خلاف في استحبابه وإنما اختلفوا في فائدته على أقوال أ التحلل عند الحبس بمجرد النية من دون هدي كما هو ظاهر صحيحة ذريح إلا لمن ساقه كما نقل عليه الاجماع ب تعجيل التحلل من دون تربص إلى أن يبلغ الهدي محله وهو أحوط سيما مع الاحصار كما في المفاتيح فإن ظاهر قوله (تع) فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ثبوت الهدي على المحصور مطلقا والتخصيص بغير المشترط خلاف الظاهر ج سقوط التربص عن المحصور وسقوط الهدي عن المصدود وهو قريب جدا د سقوط الحج من قابل لما في صحيحة ضريس بن أعين عن أبي جعفر (ع) فإن لم يكن قد اشترط فإن عليه الحج من قابل واستشكله في المنتهى بأن الواجب المستقر في الذمة لا يسقط بالشرط وغيره غير واجب التدارك وإن لم يشترط فالوجه حمل إلزام الحج في القابل مع ترك الاشتراط على شدة الاستحباب واستحسنه في المدارك والمفاتيح مع أن في موضع آخر من المنتهى الاشتراط لا يفيد سقوط فرض الحج في القابل لو فاته الحج ولا نعلم فيه خلافا ه استحقاق الثواب بذكر الاشتراط في عقد الاحرام لأنه دعاء مأمور به وإن لم يكن له حكم مخالف لحكم غير المشترط وأن ينوي الاحرام بخصوصياته المعينة بقلبه ولسانه معا وفي صحيحة حماد بن بن عثمان عن أبي عبد الله (ع) تقول اللهم إني أريد أن أتمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك وإن شئت أضمرت الذي تريد وأن يضيف إلى التلبيات الواجبة وهي الأربع المذكورة الزيادات المأثورة وهي أن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك والقول بوجوبها قوي لبيك ذا المعارج لبيك لبيك داعيا
(١٨٥)