مرض إلا أن تكون نويت ذلك الحديث وهي كما تدل على وجوبه في السفر بالاشتراط تدل عليه في المرض بذلك وهو مما لا قائل به وهذا يورث ضعفا في الرواية فالتعلق بها مشكل وطرحها كذلك فيدور الأمر بين الوجوب والتحريم وبذلك يضيق ذرع المحتاط إذ في الاتيان بالمنذور احتمال التحريم وفي تركه احتمال ترك الواجب فالأحوط أن لا ينذر صوما فيه ولا يدخل على نفسه وسواسا ولا بأسا باب الشرايط وهي البلوغ والعقل فلا يجب على الصبي والمجنون والنائم والمغمى عليه والخلو عن الدمين الحيض والنفاس والصحة من المرض المتضرر صاحبه به بزيادته أو بطؤ برئه أو حصول مشقة لا يتحمل مثلها عادة أو حدوث مرض آخر ويرجع في ذلك كله إلى الظن سواء استند إلى أمارة أو تجربة أو قول عارف وإن كان فاسقا وفي صحيحة حريز عن أبي عبد الله (ع) الصائم إذا خاف على عينيه من الرمد أفطر وفي أخرى سئل عن حد المرض الذي يترك الانسان فيه الصوم قال إذا لم يستطع أن يتسحر وفي موثقة زرارة وحسنة ابن أذنيه بل الانسان على نفسه بصيرة وهو أعلم بما يطيقه وذاك إليه هو أعلم بنفسه والحضور بالمعنى المتقدم في الصلاة وفي صحيحة معاوية بن وهب هما واحد إذا قصرت أفطرت وإذا أفطرت قصرت ويستثنى من هذه الكلية مواضع التخيير وهذه كما تشترط في وجوب الصوم تشترط في صحته فلا يصح بدونها إلا من الصبي المميز فيصح منه مطلقا على الأصح لأن عبادته شرعية عند المصنف وفي مبناه ضعف إذ لا مانع من وصفها بالصحة والفساد وإن كانت تمرينية إذ لا يعني بالصحة إلا وقوع الفعل على الوجه المأمور به ويقابلها الفساد وكذا يصح مع النوم وإن استوعب النهار وكذا مع الاغماء والجنون مع سبق النية في الجميع اجماعا في الأول وعند المصنف وموافقيه في الأخيرين خلافا للمشهور حيث ذهبوا إلى فساد الصوم بحصول أحد السببين في جزء من النهار لأنهما في حكم الصائم بالنية والعزم كالنائم وسقوط التكليف عنهما لا يستلزم فساد صومهما مع النية وإلا لانتقض بالنائم وسقوط القضاء لا ينافي صحة الأداء كما أن وجوبه لا ينافي عدم وجوبه وذلك لأن القضاء فرض جديد فسقطت حججهم ويصح أيضا عند تحقق الشرايط في أثناء النهار للتأديب كما ذكر وكذا فيما إذا سافر بعد الزوال فيصح منه صوم بقية نهاره مسافرا تغليبا واستتباعا كما تصلى بعض ركعات العصر بعد الغروب أداء كذلك وعند المصنف أنه على الوجوب وهو تخصيص آخر للكلية المذكورة وفاقا لبعض القدماء وغيرهم للصحاح المستفيضة كصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (ع) أنه سئل عن الرجل يخرج من بيته يريد السفر وهو صائم قال إن خرج من قبل أن ينتصف النهار فليفطر وليقض ذلك اليوم وإن خرج بعد الزوال فليتم صومه وصحيحة محمد بن مسلم عنه (ع) إذا سافر الرجل في شهر رمضان فخرج بعد نصف النهار فعليه صيام ذلك اليوم ويعتد به من شهر رمضان فإذا دخل أرضا قبل طلوع الفجر وهو يريد الإقامة بها فعليه صوم ذلك اليوم فإذا دخل بعد طلوع الفجر فلا صيام عليه وإن شاء صام وفي معناهما غيرهما وقيل بل يفطر ولو خرج قبل الغروب كما لو سافر قبله وقيل إن بيت نية السفر أفطر مطلقا وإلا فلا ومنهم من قال إن المبيت الخارج بعد الزوال يستحب له اتمام الصوم وفي صحيحة رفاعة بن موسى إذا أصبح في بلده ثم خرج فإن شاء صام وإن شاء أفطر وخصها بعضهم بما بعد الزوال واستبعده المصنف في المفاتيح وظن جواز العمل بها وإن كان الأول أولى ولو حضر المسافر أو برئ المريض قبله ولما يفطر صام وجوبا اجماعا كما سبق إلا أن صحيحة بن مسلم باطلاقها صريحة في تخيير المسافر ومن ثم أتبعه بقوله أخذا باليقين ويفطر الشيخ والشيخة والرجل ذو العطاش بضم الفاء وهو داء لا يروي ذووه والمرأة ذاته ومنع بعض المعربين من إضافتهما إلى الضمير وخطأ الشاعر في قوله إنما يعرف ذا الفضل من الناذووه لكنها في كلام الفصحاء كثيرة والحامل المقرب والمرضعة القليلة اللبن والقياس المرضع القليل اللبن لأنهما من الصفات المختصة أيضا إلا أنه كغيره تبع الألفاظ المروية هنا وفي المفاتيح أو المراد المشغولة بالارضاع لا من من شأنها ذلك فيغلب فيها المعنى الفعلي فيؤنث كما في قوله (تع) يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت وإنما يشرع لهما الافطار رخصة أو عزيمة إذا ظنتا الضرر بهما أو بولدهما ولا فرق في المرضعة بين الأم وغيرها مستأجرة أم متبرعة لعموم النص وربما يقيد بما إذا لم يقم غيرها مقامها بحيث لا يحصل على الطفل ضرر وإلا لم يجز لها الافطار لانتفاء الضرورة المسوغة وكل هؤلاء يتصدقون عن كل يوم من شهر رمضان بمد من طعام ولا قضاء على الأولين لصحيحة محمد بن مسلم التي رواها المحمدون الثلاثة عن أبي جعفر (ع) الشيخ الكبير والذي به العطاش لا حرج عليهما أن يفطر في شهر رمضان ويتصدق كل واحد منهما في كل يوم بمد من طعام ولا قضاء عليهما فإن لم يقدرا فلا شئ عليهما وخص المفيد وجماعة الفدية في الأولين بالمشقة وأسقطوها مع العجز المطلق لمفهوم قوله (تع) وعلى الذين يطيقونه فدية فلا فدية على الذين لا يطيقونه والصحيحة تنطبق عليه وهو مختاره في المفاتيح وفي الصافي ما يقرب منه بأن يكون المراد بالذين يطيقونه القادرين عليه مع المشقة الشديدة فهم مخيرون بين الفدية والصوم وأن يصوموا خير لهم وأما العاجزون الذين لا يطيقونه فليسوا مكلفين بالصوم ولا بفديته إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها والوسع هو ما دون الطاقة كما فسر بطريق أهل البيت (ع) ومقتضاه سقوط القضاء و الفدية جميعا عن ذي العطاش الميؤوس البرء كما قال بعضهم لأنه من العاجزين مع أنه في المفاتيح جعله اجتهادا في مقابلة النص كالحاق غير الميؤوس بالمريض في القضاء دون الفدية والأخيرتان تقضيان مع ذلك بعد زوال العذر النص والقول بسقوطه شاذ والمدان في الفدية للباقين أحوط فإن الشيخ روى في صحيحتهم تارة أخرى بمدين من طعام وحملها تارة على الاستحباب وأخرى على اختلاف مراتب الناس وفي بعض ما عندنا من نسخ الاستبصار في كل يومين بمدين فلا منافاة وكذا القضاء لهم مع تجدد الإطاقة بعد ذلك كما هو المشهور إذ لم يثبت كون الفدية بدلا عن الصوم مع حدوث القدرة على قضائه بل يحتمل أن يكون عوضا عن الافطار إلا أن فرضه في الشيخين لا يخلو عن ندور لأنهما في نقصان ومن شرايط
(١٦٥)