ثم من على يساره إلى آخرهم ويتأخر في الغسل بعده عن جميعهم انتظارا للداخل أن يدخل ويأكل معه وتعظيما للضيف بتقديمه وفي بعض الروايات لأنه أولى بالصبر على الغمر فيبدأ بمن على يمين الباب حرا كان أو عبدا كما في رواية ابن عجلان أو من على يسار المضيف كما في حديث آخر وأن لا يتكلف له إذا أتاه دون ما إذا دعاه ففي الحسن عن أبي عبد الله (ع) إذا أتاك أخوك فاته بما عندك وإذا دعوته فتكلف له وحيث يتكلف فلا يكن بالاستفراض أو تقديم ما يحتاج إليه العيال فورد أنه دعي أمير المؤمنين (ع) إلى ضيافة فقال للداعي وهو الحارث الأعور على أن تضمن لي ثلاث خصال لا تدخل علينا شيئا من خارج ولا تدخر عنا شيئا مما في البيت ولا تجحف بالعيال قال ذلك لك فأجابه (ع) وزيد في بعض الروايات فأتى الحارث بكسر فجعل أمير المؤمنين يأكل فقال الحارث إن معي دراهم وأخرجها فإذا هي في كمه فإن أذنت لي اشتريت فقال (ع) هذه مما في البيت أو تقديم ما لا تسامح النفس به بل يقتصر على ما لا يبغض إليه الضيف فإنه يورث الانقطاع والوحشة سيما في النفوس الضعيفة المتقيدة بمحقرات الأمور وربما يحسن ذلك من وجه آخر للمبتدئ في الرياضة المتحري مراغمة النفس وتعويدها بالخير كما تقدم ولا يحتقر المضيف ما حضره ولا الضيف ما قدم إليه ففي الصحيح عن أبي عبد الله (ع) هلك لامرء احتقر لأخيه ما يحضره وهلك لامرء احتقر لأخيه ما قدم إليه ويقدم ما يشتهي الضيف فإنه من ادخال السرور والاكرام المأمور بهما وورد في النبوي أو غيره من صادف من أخيه شهوة فقضاها له غفر له ويقتصر على قدر ما يكفي لا ينقص ولا يزيد فالنقص عن الكفاية ترك المروة بل هو اللوم والزيادة عليها رياء وتصنع وإن كان ليس في الطعام سرف إلا أن ينوي بالتكثير التبرك بما يفضل من طعامهم أو يجيز لهم الذهاب به سيما إذا كانوا فقراء ويميز أولا نصيب العيال تحاميا عن اهتمامهم به واجحافه بهم ولا يرفعه الضيف إلا أن يعلم بسروره بذلك ولا أقل من عدم كراهته بلفظ صريح أو ما يقوم مقامه ولا يستتبع ولده إذا دعي فإنه إن فعل أكل حراما ودخل عاصيا كذا في رواية السكوني وورد عن أبي عبد الله (ع) من أكل طعاما لم يدع إليه فإنما أكل قطعة من النار وإذا بات الضيف في بيت المضيف يريه القبلة والمتوضي إن لم يكن عارفا بهما وأن يكرمه فورد أن مما علم رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة (ع) أن قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه وهو باظهار الانبساط والسرور بقدمه وحسن الحديث والإعانة في النزول دون الارتحال والخدمة بالنفس وصب الماء على اليد تأسيا بالسلف والتشييع إلى الباب فورد في النبوي أن من سنة الضيف التشييع إلى باب الدار وأخذ الركاب للركوب وتسوية الثياب وينبغي أن يرجع الضيف فرحا طيب النفس مثنيا وإن قصر المضيف أو ذووه في حقه فليعذر ولا يوغر الصدر ولا يخرج إلا برضا المضيف وإذنه ولا يحركه التقصير إلى الخروج بدون إذن فهو من حسن الخلق وسعة الصدر ولا تكون الضيافة أكثر من ثلاثة أيام ففي النبوي الضيافة أيام فما زاد فصدقة إلا أن يلح رب البيت عن خلوص قلب في لبثه فله المقام إذ ذاك أو الضيف فيقيم زيادة على الحد الشرعي وهو حينئذ ممن لا يليق اللطف بل هو كذلك في الثالثة ففيه الضيف يلطف ليلتين فإذا كان الليلة الثالثة فهو من أهل البيت يأكل ما أدرك ويستحب لأهل البلد ضيافة الواردين فورد في النبوي أيضا إذا دخل الرجل بلدة فهو ضيف على من بها من إخوانه وأهل دينه حتى يرحل عنهم أو المعنى أن له عليهم حرمة الضيف وإن كان في نفقة نفسه ومن حقه أن يعد فراشه وخلاله وقد تقدم في باب الصوم أنه ينبغي أن يستأذن كل منهما صاحبه في صوم التطوع لئلا يحتشمه فلا يأكل أو يصنع طعاما فيفسده و ورد عن أبي عبد الله (ع) إذا دخل عليك أخوك فأعرض عليه الطعام فإن لم يأكل فأعرض عليه الماء فإن لم يشرب فأعرض عليه الوضوء وفي حديث آخر من زار أخاه ولم يذق عنده شيئا فكأنما زار ميتا وأما الولايم الشرعية ففي الأخبار النبوية وغيرها أنها أربع عرس بضم الفاء وهو طعام النكاح أو الزفاف وخرس بضمه أيضا وهو العقيقة أو طعام الولادة وعذار بكسره وهو الختان واياب من غيبة مطلقا أو من مكة وهو من الركاز قال الكليني وزيد في رواية التوكير وهو بناء الدار وغيره قال المصنف في الحاشية المراد بغير البناء الشراء وغيره من حقوق سكنى الدار وورد في النبوي النهي عن وليمة يخص بها الأغنياء ويترك الفقراء والظاهر أنه على الكراهة أو قلة الثواب إلا إذا كان رياء كما هو الغالب باب اللباس غير ما تقدم في كتاب الصلاة وهو من نعم الله سبحانه على بني آدم يواري سوآتهم ويقيهم الحر وهو من أحسن الزينة وحقه أن يختار الثياب من القطن فإنه لباس رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل البيت صلوات الله عليهم والكتان فإنه من لباس الأنبياء وهو ينبت اللحم دون الصوف والشعر فإنها لا تلبس إلا لعلة كالبرد وفقد الأولين ولا ثياب الشهرة فإنه منهي عنه مبغوض فعن أمير المؤمنين (ع) نهاني رسول الله صلى الله عليه وآله عن لبس ثياب الشهرة وعن أبي عبد الله (ع) إن الله تعالى يبغض شهرة اللباس وورد في لبس ثوب الشهرة عن الحسين (ع) من لبس ثوبا يشهره كساه الله (تع) يوم القيامة ثوبا من النار قال في النهاية فيه من لبس ثوب شهرة ألبسه الله (تع) ثوب مذلة يوم القيامة الشهرة ظهور الشئ في شنعة حتى يشهره الناس ولا الثوب المذهب سواء تجمل به أم لا فإنه حرام على الرجال مطلقا كما تقدم في كتاب الصلاة سواء كان طلاء أو منسوجا أو غيرهما أمكن تخليصه أم لا وهو زينتهم في الجنة وكذا الحرير المحض لهم ومن أقسامه الديباج وهو المنقش منه معرب زيبا وكأنهم كانوا ربما يخصون اسم الحرير بالأطلس الساذج ومن ثم جمع في بعض الروايات كموثقة محمد بن مسلم لا يصلح لباس الحرير والديباج ومرسلة ابن بكير لا يلبس الرجل الحرير والديباج إلا في الحرب فاقتصر المصنف على لفظ الرواية واعتذر في الحاشية بما لا يسمن ولا يغني من جوع وأما المعمول من قطن هذا النبات البري الموسوم بالعشر كما كان متعارفا في بلادنا
(٣١٤)