على النجاسة وتوقف آخرون ويقوى الشك في اللبن وروي في العجين النجس أنه يباع ممن يستحل أكل الميتة وفي أخرى أنه يدفن ولا يباع وفي أخرى في عجين عجن وخبز ثم علم أن الماء كانت فيه ميتة قال لا بأس أكلت النار ما فيه والبواطن كداخل الأنف والأذن والفرج تطهر بزوال العين عنها ولا حاجة إلى غسلها بلا خلاف يعرف وفي موثقة عمار عن أبي عبد الله (ع) في رجل يسيل من أنفه الدم هل عليه أن يغتسل باطنه يعني جوف الأنف فقال إنما عليه أن يغسل ما ظهر منه وفي أحاديث الاستنجاء يغسل ما ظهر على الشرج ولا يدخل فيه الأنملة وفي دلالتها على المطلوب نظر وظاهر كلام المصنف هنا وفي غيره أن البواطن تنجس بوجود النجاسة فيها وإن طهرت بزوالها ويترتب على الأول تنجس الأجسام الملاقية لها قبل زوال عين النجاسة مثل بقايا الطعام المتخلفة في الفم والكحل الداخل في العين كما صرح بذلك شارح اللمعة وظاهر بعض المعاصرين أن البواطن لا تقبل النجاسة إذ لم يكلف الشارع بتطهيرها و صب عبارات الأصحاب كلها من عدا الشهيدين على ذلك وزعم أن تنجيس الطعام والكحل حكم لا شاهد له وأطال الكلام في ذلك وهو من الضعف بمكان وكذا تطهر الحيوان العجم المتنجسة بمجرد زوالها وإن لم تغب على المشهور لكن الدليل غير ناهض باثباته والمراد به ما عدا الآدمي ووصف اسم الجنس بالجمع نظير قولهم أهلك الناس الدينار الصفر والدرهم البيض أما الآدمي فاشترط بعضهم غيبته زمانا يمكن فيه التطهير ولم يرتضه المصنف إذ العضو الباطن لا يحتاج فيه إلى ذلك والظاهر لا يكفي فيه ذلك بل لا بد من العلم بإزالته أو الظن المعتبر شرعا ولو استند إلى أخباره مع عدم قرينة خلافه و الشمس إذا جففت باشراقها الأرض والبارية والحصير المتنجسة بالبول جازت الصلاة عليها وإن كانت باقية على النجاسة ومن ثم يشترط فيه بقاؤها على الجفاف وجفاف الجبهة وغيرها من الملاقيات كما في موثقة عمار وربما يلحق بالبول كل نجاسة مايعة وهو ظاهر الاطلاق وبالأرض وأختيها كل ما لا يمكن نقله كالأشجار والأبنية وزاد بعضهم الثمرة على الشجرة والأبواب المعلقة والرفوف المسمرة ونحوها والمشهور الطهارة بجميع لوازمها عملا بالنصوص الواردة بلفظها وحملا لما ورد من أنه كيف تطهر من غير ماء على التقية باب آداب التخلي من الأفعال والتروك إلا أنها غير منتظمة الترتيب و كلها مسنونة إلا ما ننبه عليه وهي ارتياد الموضع المناسب وهو ما يؤمن معه من نشر النجاسة سيما للبول ففي الحديث النبوي من فقه الرجل أن يرتاد موضعا لبوله وعن أبي عبد الله (ع) كان رسول الله صلى الله عليه وآله أشد الناس توقيا من البول كان إذا أراد البول عمد إلى مكان مرتفع أو مكان من الأمكنة يكون فيه التراب الكثير كراهة أن ينضح عليه البول والتستر بالبدن عن الأعين بالتواري ببناء ونحوه أو ابعاد المذهب مروي أما العورة فيجب سترها عمن يحرم نظره إليها وهو من عدا من يحل وطيه من المميزين وهي القبل والدبر والأنثيان ومن ستر من السرة إلى الركبة بل إلى نصف الساق فقد أخذ باليقين وتجتنب المشارع والنصوص إنما وردت بلفظ شطوط الأنهار وشفير بئر ماء يستعذب منها أو نهر يستعذب منه فكان التعبير بموارد المياه كما في المفاتيح والمعتصم أجود ومثله في الشوارع فإنها وردت بلفظ المحجة وقارعة الطريق والطرق النافذة كما فيهما وتحت الشجرة المثمرة كما في بعض الأخبار وتختص الكراهة بالأوقات التي يكون عليها ثمرها بقرينة البعض الآخر سواء قلنا باشتراط بقاء مبدأ الاشتقاق في صدق المشتق أم لا وأبواب الدور وهي مواضع اللعن وأفنية المساجد وهي ما امتد من جوانبها القريبة ولا يبعد أن تحد بحريمها وهي أربعون ذراعا من كل ناحية وفئ النزال وهي الأماكن المعدة لنزول القوافل والواردين وتشتمل غالبا على ما يتظلل به من شجر أو كهف أو نحوهما والمأثور منازل النزال وشطوط الأنهار كما عرفت والمقابر فإن التغوط بين القبور من الثلاثة التي يتخوف منها الجنون كما في حديث الوصية والتخلي على القبر من الحالات التي يتسارع فيها الشيطان الانسان ومن الآداب أيضا تأخير الكشف عن العورة وإن لم يكن ناظرا والأعم إلى أن يقرب الموضع والدخول في بيت الخلا باليسرى من الرجلين فإن لم يكن بناء جعلها آخر ما يقدم والخروج عنه باليمنى منهما عكس المكان الشريف كما قالوه وتغطية الرأس اقرارا بأنه غير مبرئ نفسه من العيوب كما قاله الصدوق ولئلا تصل الرايحة الخبيثة إلى دماغه ويأمن بذلك من عبث الشيطان وهو سنة من سنن النبي صلى الله عليه وآله وفيه إظهار الحياء من سبحانه لكثرة نعمه على العبد وقلة الشكر منه كما قاله المفيد والاعتماد على نقله كونه سنة دون ما ذكره من العلل مع أن الأولى منظور فيها بأنه خلاف الشاهد من كشف الناس رؤوسهم في الروايح المنتنة وإن أمكن الذب عنه بما يعرفه الذكي على أن اللازم منه استحباب ما يحصل به التوقي المذكور ولا ريب أن الحاصل منه باللثام ونحوه مما يسد الأنف والفم أقوى و الأمر هين وتقنيعه حياء من الملكين كما في وصية أبي ذر وترك استقبال القبلة والريح كالبدن وقرصي النيرين بالشمس والقمر لا جهتهما واستدبار الأولين وقيل بوجوبهما في الأول وفرق بعضهم بين الصحاري والبنيان فكرههما في الأول خاصة وخص في الكتاب الكبير كراهة استقبال النيرين بالبول وهو أوفق بأكثر الروايات وورد النهي عن استدبار الهلال وإن ذهل عنه الأكثر والبول في الأرض الصلبة وما في معناها مما لا يؤمن فيه النجاسة وهو مما ينطوي عليه ارتياد الموضع المناسب وفي الحجر وهي بضم الجيم ففتح الحاء ثقوب الحيوانات والماء سيما الراكد وقائما إلا للمتنور ومطمحا من السطح أو من الشئ المرتفع يرميه في الهواء ومنها الذكر بالمأثور في أحواله كلها فعند الدخول بسم الله وبالله اللهم إني أعوذ بك من الخبيث المخبث الرجس النجس
(٩٥)