ومما يؤيد هذا الفرق أنه لو أصاب أنف المملوك أو غيره من أطرافه مثلا آفة مسرية إلى نفسه لا تندفع عنه إلا بقطع العضو فقطعه المولى استصلاحا لحاله وابقاء عليه فإن الظاهر أن ذلك لا يعد تنكيلا وإن كان لو قطع ذلك العضو منه لمجرد الايلام والمضارة كان من أوضح أفراده والعرف من أعدل الشهود وكذا ينعتق المملوك إذا أسلم في دار الحرب سابقا على مولاه الكافر وخرج إلينا معاشر المسلمين قبله كما في حديث حصار الطائف ومنهم من لم يشترط سبق الخروج اكتفاء في إزالة الرق عنه بمجرد سبق اسلامه إذ لم يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا والإسلام يعلو ولا يعلى عليه وعلى المشهور يباع من المسلمين إن لم يغنم والمملوكة إذا استولدها المولى بأن علقت منه على وجه يثبت به النسب تشبثت بالحرية ومنع من نقل ملكها إلى غيره ما دام ولدها حيا على المشهور إلا فيما استثنى وجعلت بعد موته موسرا في نصيب ولدها من ميراث أبيه إن وسعها و عتقت عليه بالقرابة ومن ثم أدرج بعضهم الاستيلاد في القرابة فإن زادت قيمتها عن نصيبه عتق منها بقدر نصيبه وسعته هي في الباقي على المشهور ولو كان الولد موسرا من غير جهة الإرث لأن عتقها عليه قهري فلا يسري وإن قوم عليه الباقي وعزمه لسائر الورثة مع يساره كما أوجهه الشيخ في النهاية وإن عدل عنه في غيره كان أولى وأحوط ففي موثقة أبي بصير إن كان لها ولد قومت على ابنها من نصيبه وإن كان ابنها صغيرا انتظر حتى يكبر ثم يجبر على ثمنها والأخبار تؤذن بحصول السراية بمطلق الملك وفيه أنه لا وجه للانتظار حينئذ واللازم التقويم عليه بمجرد اليسار وإن كان صغيرا فهو قرينة الاستحباب كما هو المشهور في توجيه الرواية من تخصيص الانتظار بما إذا كان ثمة دين من ثمنها فإن عتقها موقوف على أدائه ويستحب لولدها أن يؤديه وتنعتق باب التدبير وهو في اللغة النظر في عواقب الأمور وادبارها وشرعا تعليق العتق على الوفاة كأنه دبر أمر دنياه باسترقاقه زمن حياته وأمر آخرته باعتاقه بعد وفاته وهل هو عتق معلق أم وصية بالعتق أم مستقل أقوال أشهرها الثاني وإن اختص عن سائر الوصايا ببعض الأحكام ويقع مطلقا كقوله هو حر بعد وفاتي أو هو مدبر على خلاف في الأخير من بعضهم مطلقا لأنه من الكنايات وفيه منع لصراحته شرعا وبشرط خلوة عن نيته من آخرين وفي كلامه في المفاتيح تشابه فليراجع ومقيدا بمرض خاص أو سفر أو سنة خاصين كقوله إن مت في مرضي أو سفري أو سنتي هذا أو نحو ذلك عند الأكثر لرواية منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) في رجل قال إن حدث بي حدث في مرضي هذا فغلامي فلان حر قال يرد من وصيته ما يشاء ويجيز ما يشاء خلافا لمن ألحقه بالتعليق على الشرط والوصف المشهور عدم جوازه وفي جواز تعليقه على وفاة غير المولى أقوال واحتج المانعون مطلقا بأن التدبير شرعا تعليق العتق بوفاة المولى فلا يتعدى إلى غيره وهو نفس الدعوى والمجوزون مطلقا ومنهم المصنف في المفاتيح برواية محمد بن حكيم عن أبي الحسن (ع) في رجل زوج أمته من رجل حر ثم قال إذا مات زوجك فأنت حر فمات الزوج قال إذا مات الزوج فهي حرة وهي أخص منها وأفرط قوم فجوزوا على وفاة غير الآدمي لاشتراك الجميع في معنى التعليق على الوفاة واقتصر هنا على من جعل خدمته له كما في صحيحة يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله (ع) في رجل يكون له الخادم فيقول هي لفلان تخدمه ما عاش فإذا مات فهي حرة فتأبق الأمة قبل أن يموت بخمس سنين أو ست سنين ثم يجدها ورثته ألهم أن يستخدموها بعد ما أبقت فقال لا إذا مات الرجل فقد عتقت والمناسب لكونه وصية اطلاق المنع إلا على وفاة زوجها أو وفاة من جعل خدمته له خاصة كما هو ظاهر الوسايل اقتصارا فيما خالف الأصل على موضع النص وشرطه شرط العتق من أهلية التصرف والصيغة الصريحة والقصد والتقرب على خلاف في الأخير والمشهور أنه لا يسري مطلقا فلو دبر شقصا لم ينعتق عليه الباقي لا معجلا ولا بعد انعتاق شقص المدبر ولا يكلف شراء حصة الشريك أما لو لم يكن عتقا فلأن السراية عند مثبتيها من خواص العتق و أما على كونه عتقا فلأنه معلق لم يقع بعد فلا تشمله عمومات سراية العتق وبعد وقوعه قد خرج المعتق عن اليسار لانتقال ماله عنه بالموت وفي سرايته من الحامل إلى الحمل أقوال والفاضلان على العدم مطلقا كالعكس للأصل والانفصال وموثقة عثمان بن عيسى وفي حسنة الوشا في رجل دبر جاريته وهي حبلى إن كان علم بحبل الجارية فما في بطنها بمنزلتها وإن كان لم يعلم فما في بطنها رق وهي مستند المشهور في التفصيل بالعلم والجهل ويجوز الرجوع فيه كغيره من الوصايا قولا أو فعلا ففي المستفيض أنه بمنزلة الوصية يرجع فيما شاء منها إلا أن في صحيحتي الحلبي ومحمد بن مسلم في الرجل يعتق غلامه أو جاريته عن دبر منه ثم يحتاج إلى ثمنه أيبيعه قال لا إلا أن يشترط على الذي يبيعه إياه أن يعتقه عند موته وبمضمونه عمل الصدوق وفي رواية في رجل أعتق جارية له عن دبر حياته قال إن أراد بيعها باع خدمتها حياته فإذا مات أعتقت الجارية وهي ظاهرة في الانعتاق بمجرد موت البايع وإن لم يشترط وبها عمل المفيد وقيد جواز بيعه في بعضها برضى المملوك وباحتياج المولى و في الوافي والمفاتيح جمع بين الأخبار بحمل التقييدات على الاستحباب والأولى للمحتاط أن لا يخرج عما دلت عليه الصحيحتان فإنه يصلح مقيدا لاطلاقات الجواز فلا يبيعه ما لم يحتج إلى ثمنه وإن باعه اشترط على المشتري عتقه بعد موته وإن كان ذلك برضا المملوك فأحوط ويبطل التدبير بالاباق بلا خلاف إلا إذا علقه على موت الغير وهو من جعل له الخدمة كما في صحيحة يعقوب المذكورة وهو رق أيام حياة من علق عتقه على وفاته فكسبه ومنافعه للمولى أو من جعلها له وله وطئها والتصرف فيها فإن حملت منه لم يبطل التدبير بل اجتمع لعتقها سببان والأول أسبق فتنعتق به فإن لم يف
(٢١٩)