والعبرة حينئذ بالطلاق بل لو اقتصر على قوله أنت طالق بكذا مع سبق سؤالها أو قبولها صح بلا خلاف ويلحق بأحدهما مع شرطه ونيته ولو تجرد عن نيتهما بل أراد مجرد الطلاق بعوض ففي صحته قولان أصحهما عند المصنف الصحة ولا يجوز له اكراهها على البذل ولا عضلها وهو مضارتها وسوء العشرة معها لتضطر إليه لقوله سبحانه ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وهي الزنا كما فسرت به في الآية وقيل كل ما يوجب الحد وقيل كل معصية ورواه في مجمع البيان عن أبي جعفر (ع) وإنما اقتصر على الأول لأنه المتيقن وإذا صح العقدان فلا رجعة عليها بل تبين في الحال كما سبق وإن لم يتبع بلفظ الطلاق ويعد كل منهما طلقة معدودة من الثلاث على المشهور سيما في الخلع للنصوص الصريحة وذات العدة يجوز لها الرجوع في البذل مطلقا ما دامت في العدة فإنها لها كأيام الخيار في بيع الحيوان ومع رجوعها يرجع الزوج إن شاء كما سبق وفي صحيحة ابن بزيع عن الرضا (ع) في المرأة تباري زوجها أو تختلع منه هل تبين منه بذلك أو هي امرأته ما لم يتبعها الطلاق قال تبين منه وإن شاءت أن يرد إليها ما أخذ منها وتكون امرأته فعلت وفي الموثق عن البقباق عن أبي عبد الله (ع) المختلعة إن رجعت في شئ من الصلح يقول لأرجعن في بضعتك والأحوط لها أن لا ترجع في البذل له إلا مع امكان رجوعه في النكاح كما اشترطه الشهيد الثاني لأن ظاهر الروايتين تلازم الحكمين فلو كانت الطلقة ثالثة أو كان قد تزوج بخامسة أو بأختها كما وردت به النصوص تعذر رجوعه في البضع فيلزم من رجوعها تفويت ذلك عليه بغير عوض بل من الأحوط أن لا ترجع إلا مع رضاه كما اشترطه ابن حمزة لأنه عقد معاوضة فيعتبر في فسخه رضاهما جميعا وبرجوعها حيث يصح تصير العدة رجعية وإن لم يرجع الزوج لكن في ترتب أحكام العدة الرجعية عليها مطلقا كوجوب النفقة والاسكان وغير ذلك وجهان تردد فيهما المصنف وظاهر الصحيحة ثبوت جميع ذلك وكلما صح أن يكون مهرا من قليل أو كثير صح أن يكون فداء ما لم يزد في المبارات عن المهر كما سلف ولو منفعة كالارضاع والحضانة والاسكان ونحوها ويشترط فيه أن يكون معلوما محروسا عن الزيادة والنقصان بحيث لا غرر فيه بمشاهدته أو ضبطه بالوصف الرافع للجهالة باب الظهار بكسر ألفا من الظهر واختص به الاشتقاق لأنه موضع الركوب و الزوجة مركوب الزوج وكان في الجاهلية طلاقا يؤثر بالتحريم المؤبد فغير الشرع حكمه إلى العود بالكفارة وهو أن يقول الرجل لامرأته أنت أو هذه أو فلانة أو نحو ذلك علي أو مني أو عندي أو ما شابه ذلك كظهر أمي أو مثل ظهر أمي بلا خلاف أو حرام كظهر أمي وفاقا للمشهور لصحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) في الظهار كيف يكون قال يقول الرجل لامرأته وهي طاهر في غير جماع أنت علي حرام مثل ظهر أمي الحديث وحسنة حمران عنه (ع) أن امرأة من المسلمين أتت رسول الله صلى الله عليه وآله وقالت إن فلانا زوجي وقد نثرت له بطني وأعنته على دنياه وآخرته فلم ير مني مكروها وأنا أشكوه إلى الله عز وجل وإليك قال مما تشكينه فقالت أنه قال لي اليوم أنت علي حرام كظهر أمي وقد أخرجني من منزلي فانظر في أمري فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ما أنزل الله علي كتابا أقضي به بينك و بين زوجك وأنا أكره أن أكون من المتكلفين فجعلت تبكي وتشتكي ما بها إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وآله وانصرفت فسمع الله مجادلتها لرسوله في زوجها وما شكت إليه فأنزل الله بذلك قرأنا بسم الله الرحمن الرحيم قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما يعني محاورتها لرسول الله صلى الله عليه وآله في زوجها إن الله سميع بصير الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا وإن الله لعفو غفور فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المرأة فأتته فقال جيئيني بزوجك فأتته به فقال له أقلت لامرأتك هذه أنت علي حرام كظهر أمي قال قد قلت لها ذلك فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله قد أنزل الله فيك وفي امرأتك قرأنا فقرأ عليه ما أنزل الله من قوله قد سمع الله إلى قوله إن الله لعفو غفور فضم امرأتك إليك فإنك قد قلت منكرا من القول وزورا قد عفى الله عنك وغفر لك فلا تعد فانصرف الرجل وهو نادم على ما قال لامرأته فكره الله ذلك للمؤمنين بعد فأنزل الله الذين يظاهرون منكم من نسائهم ثم يعودون لما قالوا يعني ما قال الرجل الأول لامرأته أنت علي حرام كظهر أمي قال فمن قالها بعد ما عفا الله وغفر للرجل الأول فإن عليه تحرير رقبة من قبل أن يتماسا يعني مجامعتها ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا فجعل الله عقوبة من ظاهر بعد النهي هذا وقال ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله فجعل الله هذا حد الظهار الحديث وفي صحيحة أبان وغيره إن الرجل أوس بن الصامت وامرأته خولة بنت المنذر فقال لها ذات يوم أنت علي كظهر أمي وساق القصة وشأن النزول قريبا مما في الحسنة وهذا ينبئك على أن العبارتين واحدة وأن هذه التدقيقات المحيرة للأذهان من محدثات الأمور وهو حرام فإنه منكر من القول وزورا وإن وقع وترتبت عليه الأحكام وإنما يقع إذا كان بشرائط الطلاق المذكورة اجماعا وعن أبي عبد الله (ع) لا يكون الظهار إلا على مثل موضع الطلاق وكانت الزوجة مدخولا بها على المشهور للصحاح الصريحة السليمة عن المعارض فيحرم عليه بالأصالة الوقاع يقينا اجماعا وكذا عليها من باب المعاونة على الإثم وفي تحريم مقدماته الداخلة في مفهوم التماس كالقبلة واللمس بشهوة قولان للاختلاف
(٢٨٧)