ذنوبه اشتاق إلى الموت وكره البقاء في الدنيا حبا للقاء الله عز وجل ولنعم ما قيل دل مي ندهم كه جامه جان بدرم زان بيش كه نامهاي عصبان بدرم كراز سركرا در بدم برخيزي إزار زوي أجل كريبان بدرم وعلامته أن يكون دايم الاستعداد له لا شغل له سواه وإلا التحق بالمنهمك في الدنيا المحب لها فانحلت الأقسام إلى ثلاثة والأعلى من الجميع ترك الاختيار والتفويض إلى الله سبحانه فلا يحب لنفسه موتا ولا حياة بل يكون أحب الأشياء إليه أحبها إلى مولاه وفي مكالمات بعض العاشقين بكفتا وصل به يا هجر از دوست بكفتم هرچه ميل خاطر أو است وتفريغ القلب عن غيره (تع) ليخلو البيت لربه والتفكر في أحوال الماضين خصوصا من أقرانه الذين خلو من قبله وما كانوا فيه من النعمة والنشاط والعيش الرغيد والانبساط فيتذكر موتهم ومصرعهم تحت التراب وكيف تقطعت بهم الأسباب فخلت ديارهم واندرست آثارهم فمهما تذكرهم رجلا رجلا وفصل في باله مجاري أحوالهم وترددهم في أمانيهم وآمالهم وأنهم كانوا يدبرون لأنفسهم ما لهم الغنى عنه إلى عشر سنين فصاعدا في أوقات لم يكن بينهم وبين الموت إلا أيام قلائل ونحو ذلك توحشت نفسه عن الدنيا وزهدت فيها واستقرب الرحيل واهتدى إلى السبيل وهو من التفكر الذي ورد فيه عن النبي صلى الله عليه وآله تفكر ساعة خير من عبادة سنة وأنه دليل العقل وحياة قلب البصير ويدعو إلى البر والعمل به إلى غير ذلك والأصل فيه الانتباه وهو من منشعبات العلم والفهم خلاف الغرور الذي هو من منشعبات الجهل والحمق وهو سكون النفس إلى ما يوافق الهوى ويميل إليه الطبع ومنشؤه نوع من الشبهة فكل من اعتقد أنه على خبر إما في العاجل أو الآجل عن شبهة فاسدة فهو مغرور و أكثر الناس يظنون بأنفسهم الخير وهم مخطئون فيه فهم مغرورون وأنواعه كثيرة بعضها أوضح من بعض كايثار الدنيا لكونها نقدا ومتيقنة على الآخرة لكونها نسية ومشكوكة والنقد خير من النسية واليقين خير من الشك وهذا غرور الكافرين وإليه أشار في قوله سبحانه ولا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور وقوله عز وجل ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله و غركم بالله الغرور وقياساهم فاسدان فإن كل نقد ليس خيرا من كل نسية ولا كل يقين خير من كل شك بل ذاك إذا تساويا في المقدار والمقصود أما إذا تفاضلا فيهما فلا ريب أن النسية الكثير راجح عند العقلاء على النقد القليل وإن شك فيه إذ المريض العاقل يترك اللذات الحاضرة المتيقنة في الحال لأنه يرجو أن يصح في المستقبل وكذا التاجر يتحمل المشاق ويخاطر بالأموال الحاضرة المتيقنة لأنه يرجو أن يربح فيه فيما بعد فهما تاركان النقد للنسيئة واليقين للشك إذ ليسا من حصول الصحة والربح في المستقبل على يقين وإنما قادهما إلى ذلك أصل الزيادة فالآخرة أولى بأن يطمع فيها ويترك لها الدنيا للتيقن بها بالعقل والنقل وهذا قدح في الصغرى القياس الثاني وهو منع بعد التسليم وعدم نسبة الدنيا إليها شدة ودواما فهي أرجح من الدنيا كيفا وكما إذ لا نسبة للمتناهي إلى غير المتناهي فالذي يخرج العشرة من يده ليعود إليه بعد سنة أحد عشر وهو مشعوف بذلك كيف يشق عليه إن كان بصيرا أن يكف عن فضول لذات ناقصة منغصة أياما قلائل لينال أضعافها المضاعف أبد الأبدين وكالاعتماد على مجرد الايمان وهذا غرور عوام المؤمنين المطمئنين إلى الدنيا المترفهين بنعيمها إذ قرع سمعهم ما وعد الله المؤمنين والمؤمنات وأعد لهم من النعيم فاغتروا وفتروا عن الأعمال الصالحة وأغفلوا التوبة ولم يتنبهوا أن المغفرة منوطة بأمور أخر زايدة على أصل الايمان فورد في الكتاب الكريم وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى وقد تكرر في الكتب الإلهية اشتراط الفوز والنجاة في القيامة بالايمان والعمل الصالح جميعا بل ورد الحكم العام على جميع أفراد الانسان بالخسر واستثناء المتصفين بصفات عديده إحديهما الايمان ففاقد شئ منها أيا كان مندرج تحت العموم قال الله عز وجل والعصر إن الانسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات إلى آخر السورة وهو من أوضح أمثلة العموم في كتب الفن وكالاعتماد على أنه (تع) كريم وهذا غرور العصاة وإليه الإشارة في قوله (تع) يا أيها الانسان ما غرك بربك الكريم فيتساهلون في أمور الدين ويتعللون بالتعويل على كرمه (تع) وربما يتعاسرون في أمور الدنيا ويتهالكون عليها ولا يعولون على كرم الله ويتعللون بأن الله قد أمر بالسعي والحزم فيكون حالتهم فيه على العكس المطلق مما يجب بترك التعويل والاتكال على الله في أمور الدنيا مع أنه ورد الحث عليه فيها في قوله عز وجل ومن يتوكل على الله فهو حسبه وغير ذلك مما يأتي بعضه في بابه وزعمهم التعويل عليه في أمور الآخرة مع أنها ليست من مظانه كما تقدم ولقد أجاد القائل تقول مع العصيان ربي غافر صدقت ولكن غافر بالمشية وربك رزاق كما هو غافر فلم لا تصدق فيهما بالسوية فكيف ترجى العفو من غير توبة ولست ترجى الرزق إلا بحيلة وهاموا بالأرزاق كفل نفسه ولم يتكفل للأنام بجنة وما زلت تسعي للذي قد كفيته وتهمل ما كلفته من وظيفة تسئ به ظنا وتحسن تارة على حسبما يقضي الهوى بالقضية والعلاج الحاسم لأنواعه استحضار العلم بالحقايق والتفكر في مغامض الأمور فهما رافعان لأصوله باب النية والبحث عنها من مقدمات الاخلاص الذي هو من أصول المطهرات وأفرد اهتماما بها وهي والقصد والإرادة ألفاظ مترادفة على معنى واحد وهو الهمة الباعثة للعمل المعين بأنها من آلات القدرة المنبعثة عن المعرفة بملائمته للغرض العاجل أو الأجل فهي أيضا حال يكتنفها علم وعمل كشهوة الطعام الحاضر عند الجوعان الحاصلة من المعرفة بتحققه ورفعه الجوع الباعثة لامتداد اليد إليه للتناول وقصد قتل العقرب المنبعث عن العلم بوجودها وايذائها الباعث لمبادرة اليد إلى النعل لقتلها وذلك أن الانسان مجبول بحيث يوافقه بعض الأمور ويخالفه بعضها فلا بد له من معرفة بها يدرك التفرقة بين الموافق والمخالف ومن همه بها يبادر إلى جلب الأول وسلب الثاني ومن قدرة يتمكن بها من ذلك فخلق الله
(٧٢)