به مباشرة والثاني إن كان من شأنه أن يقصد بتحصيله العلة سمي سببا والآتيان به تسبيبا وإذا اجتمع المباشر والسبب في الاتلاف قدم المباشر كالسارق الذي دله غيره على مال محترم أو فتح له الباب فأخذه فإن الغارم المقطوع هو المباشر للأخذ دون الدال وفاتح الباب والظالم الذي سعى إليه بمظلوم فأخذ ماله أو جنى عليه فإن الحق على الآخذ الجاني دون الساعي وإن كان آثما وهذه من الضوابط المطردة إلا مع قوة السبب كالمكره في غير القتل ومقدم الطعام إلى الضيف لو أكله والملقي للحيوان في المسبعة لو قتله السبع وفاك القيد عن الدابة لو شردت أو القفص عن الطاير لو طار فإن المباشر في الأولين ضعيف بالاكراه والغرور وفيما عداهما بكونه حيوانا غير مكلف ولو تعاقبت الأيدي على المغصوب تخير المالك في إلزام جميعهم أو بعضهم أيهم شاء واحدا أو أكثر بدلا واحدا سواء علموا جميعا بالغصب أم جهلوا أم بالتفريق ويرجع الجاهل منهم بما اغترم على من غره وإن تلفت في يد من يده ضمان كالعارية المضمونة استقر الضمان عليه فإن أغرمه المالك لم يرجع على غيره وإن أغرم غيره رجع عليه باب اللقطة بضم الفاء وفتح العين اسم المال الملقوط دون الملتقط ويجوز تسكين العين أيضا وأطلقها الأكثر على ما يشمل اللقيط تغليبا والمصنف اقتصر فيها على الحقيقة فبحث عنه فيما مضى من كتاب الحسبة كما بحث عن لقطة الحرم في كتاب الحج وخص ما عداهما بكتاب الكسب رعاية للمناسبة التامة كما مر ويعتبر فيه كونه ضايعا لا يد عليه وهو إما حيوان أو غيره والأخير يسمى صامتا وربما يخص باسم اللقطة والأول ناطقا أما الصامت فيكره أخذه فورد في الصحيح أنه ذكر لأبي عبد الله عليه السلام اللقطة فقال لا تعرض لها فإن الناس لو تركوها لجاء صاحبها حتى يأخذها وعن أمير المؤمنين (ع) إياكم واللقطة فإنها ضالة المؤمن وهي من حريق النار هكذا في نسخ الكتاب والمفاتيح والموجود من طرق الأصحاب في الفقيه وهي حريق من حريق جهنم وهكذا نقله في الوافي ويملك من الفضة ما كان وزنه ومن غيرها قيمته دون الدرهم بمجرد الالتقاط من المباح من غير تعريف إذا لم يعرف صاحبه ولو في جماعة محصورين بلا خلاف وهذا التملك في معنى الإباحة فلو ظهر مالكه وعينه باقية وجب رده عليه على المشهور وفي وجوب عوضه مع تلفه قولان ويعرف ما سواه درهما فما زاد حولا من حين الالتقاط ولو آخره فمن حين الشروع ويأثم لو كان اختيارا عند الأكثر ولا يجب استيعاب الحول به ولا كل يوم اتفاقا بل يكفي ما يعد تعريفا عرفا إذ لم يرد له حقيقة في الشرع وفي المفاتيح أن الظاهر تحققه في الابتداء في كل يوم مرة أو مرتين ثم في كل أسبوع أو في كل شهر كذلك وليكن في مجمع الناس ويكره في المساجد على وجه كما تقدم وبأوصاف مشترك كيلا يدعيه كاذب وكلما أو غل في الابهام كان أحوط ومن ثم كان من الجزم للملتقط أن لا يريها أحدا ولو كان ثقة وللمالك أن لا يخبر بضياع ماله سيما من له الخبرة بأخص أوصافه ويجوز للمعرف أن يستنيب فيه ويستأجر أمينا والأجرة عليه وهي أمانة شرعية مدة الحول لا يضمنها إلا بالتفريط والتعدي فإن جاء أي عرف صاحبها في حق التعريف فهو أولى بها ويعرف بالبينة وإن أخبر بالعلامات الخاصة التي لا يعرفها إلا المالك غالبا جاز الدفع إليه لكونه من القرائن الواضحة ولظاهر رواية سعيد الجعفي وأن لا يعرف ملكها الملتقط إن شاء ضمانا لمالكها إن جاء بعد اتلافها كما في بعض الروايات أو استبقاها أمانة في يده يجري عليها ما يجري على ماله حتى يجئ لها طالب فإن لم يجئ لها طالب فليوص بها في وصيته كما في حسنة محمد بن مسلم وغيرها أو تصدق بها عنه فإن جاء ورضي فالأجر له وإن لم يرض أغرمها الملتقط والأجر له كما في صحيحة علي بن جعفر وغيرها وإن كان الملقوط مما لا يبقى إلى سنة كالطعام قومه على نفسه أو باعه على غيره وحفظ الثمن وعرف مدة الحول ثم بعد الحول والتعريف يعمل بالقيمة ما يعمل بالعين من التملك والاستيمان والتصدق وعن أبي عبد الله (ع) إن وجدت طعاما في مفازة فقومه على نفسك لصاحبه ثم كله فإن جاء صاحبه فرد عليه القيامة وعن أمير المؤمنين (ع) في سفرة وجدت في الطريق مطروحة كثير لحمها وخبزها وجبنها وبيضها وفيها سكين فقال يقوم ما فيها ثم يؤكل لأنه يفسد وليس له بقاء فإن جاء طالبها غرموا له الثمن فقيل لا يدرى سفرة مسلم أو سفرة مجوسي قال هم في سعة حتى يعلموا ويجوز له أن يدفع اللقطة إلى الحاكم ابتداء سواء كانت مما يبقى أو يفسد من دون ضمان فيهما لأنه ولي الغائب وإليه النظر في ماله فكان كما لو دفع مال الطفل إلى وليه الخاص وما يوجد موفونا أو بارزا في بقعة خربة قد جلا عنها أهلها بحيث لا يعرفون أو مفازة وهي البرية القفر التي تكون مظنة العطب وسميت بذلك تسمية الزنجي كافورا أو تفالا أو دار الحرب بالتفسير المتقدم أو يوجد مدفونا فيما لا مالك معروفا لها من الأراضي البايرة أو العامرة عدا المفاوز أو يوجد في جوف حيوان مباح فالواجد أحق به في الحال من غير تعريف سواء كان قليلا أو كثيرا وسواء كان عليه أثر الاسلام كالشهادتين أو اسم أحد من ملوك الاسلام أو لا ومنهم من جعل ما عليه الأثر لقطة لدلالته على سبق يد المسلم فيستصحب وبه جمع بين صحيحتي محمد بن مسلم المطلقتين في أن الواجد أحق بما يجد في الخربة ورواية محمد بن قيس أن عليا (ع) قضى فيه بالتعريف وضعفه المصنف بضعف الرواية وبعد التأويل ووهن التعليل أما لو وجده في أرض غير مملوكة بارزا كان لقطة يترتب عليها ما سبق من الأحكام كما لو وجده في أرض مملوكة ولم يعرفه المالك وإن وجد شيئا ولو قليلا مخبيا في المملوكة لغيره أو المنتقلة إليه بالبيع أو نحوه عرفه المالك أو البايع إن احتمل كونه منه كما في المفاتيح وإلا سقط التعريف وكان كالموجود في المباح مثل ما يوجد في جوف السمكة التي يبيعها الصياد ثم إن عرفه فهو أحق به ويصدق بغير بينة ولا وصف وإلا فهو أحق
(٢٥٠)