أو دنيويين كضيافة الشعراء لاستفادة البلاغة والفصاحة منهم أو التخلص من هجائهم أو كليهما كما مثلنا بشرط أن يكونا سائغين شرعا فلا تجوز ضيافة الأجنبية أو الاهداء إليها استمالة لها للزنا أو مصانعة الظالم بالأموال المتمكن من إيذاء الناس وادخال الضرر عليهم والمحتاج إلى هذا القيد إنما هو الخير والشر الدنيوي دون الديني لأنه لا يكون إلا سائغا أو ايصال نفع عام إلى الناس ببناء مسجد أو مدرسة أو وقف كتاب أو نحوه من الصدقات الجارية التي لا ينقطع العمل عنها بالموت أو خاص كارشاد الضال ولو إلى الطريق والتعليم للعلوم الدينية لأهلها كما سبق وقربان المرأة بضم القاف وكسرها مصدر قربه كعلمه إذا دنا منه والمعنى التحبب إليها بالمجامعة والمغازلة تطييبا لقلبها بما لا يخرج به عن الوقار ويوجب جرأتها عليه للتعفف ابتداء واستدامة فإنه مما يوجبه ويزيد فيه والعدل يعني استوائها على الطاعة والقيام بحقوق الزوجية من دون نشوز فهو غاية أخرى للقربان أو هو معطوف عليه والمراد العدل معها بتوفية حقوقها من غير جور أو بينها وبين ضرتها بالقسم وما يستطاع دون أن يميل كل الميل فإنها جميعا من المنافع الخاصة وقضاء حاجة المؤمن فورد فيه من الحث ما ورد حتى أنه يقدم على كثير من الواجبات الموسعة كما تقدم ويأتي وفي بعض الروايات إنه المعروف وانظار المديون المعسر إلى الميسرة وأفضل منه التحليل أي ابراؤه وجعله منه في حل حيا كان أو ميتا وعفو ماله من سائر الحقوق مطلقا مثل حق الغيبة والقذف ونحوهما وقد وردت فيه النصوص بالخصوص حتى أنه يستحب أن يقول في صباح كل يوم اللهم إني تصدقت بعرضي على عبادك والقرض فإن فيه فضلا كثيرا وهو أفضل من الصدقة كما يأتي في كتاب البر والحمل على الدابة ما لم يجحف بها وهو من المواساة وطيب الكلام سيما في القضاء والاقتضاء ومجادلة أهل الباطل عند الحاجة والخطوة إلى الصلاة فإنها من أحب الخطى إلى الله عز وجل والتوسع على العيال زيادة على ما تقدم فعن علي بن الحسين (ع) أرضاكم عند الله أسبغكم على عياله وعن الرضا (ع) ينبغي للرجل أن يوسع على عياله لئلا يتمنوا موته ويتأكد عند زيادة النعمة وإلا أوشك أن تزول وعن النبي صلى الله عليه وآله أن المؤمن يأخذ بأدب الله إذا وسع عليه اتسع وإذا أمسك عليه أمسك والتبسم في وجه أخيه المؤمن من غير دعابة وهو من محاسن العشرة سيما إذا كانت له حاجة إليه وإعارة المتاع وهو ما يتمتع به من الأدوات حتى كتب العلم وفيها ورد قوله (تع) ويمنعون الماعون كما فسر في حديث أبي عبد الله (ع) قال الراوي قلت إن لنا جيرانا إذا أعرناهم متاعا كسروه وأفسدوه فعلينا جناح أن نمنعهم قال لا ليس عليك جناح أن تمنعهم إذا كانوا كذلك واطراق الفحل وهو إعارته للضرب ويكره شديدا أخذ الأجرة عليه وتحليل الجارية خدمة أو وطئا لمن يحتاج إليها وغير ذلك من المكارم وقد يسمى الكل بالصدقة سوى المروات المذكورة ومنه ما ورد في الحديث النبوي كل معروف صدقة والبر يشمل الجميع فمن نذر مالا لوجوه البر جاز له صرفه فيما شاء منها فهو أعم مطلقا وربما يخص بما سوى الصدقة فيتقابلان ومنه ما ورد في حديث أبي جعفر (ع) البر والصدقة ينفيان الفقر ويزيدان في العمر ويدفعان عن صاحبهما سبعين ميتة سوء وميتة السوء بكسر الميم وفتح السين الحالة التي يساء عليه الموت كالحرق والغرق وبغير وصية وقبل التوبة إلى غير ذلك مما لو استقصى بلغ سبعين أو هو كناية عن الكثرة كما في غيره وورد عن أهل البيت (ع) صنايع المعروف نفي مصارع السوء وهي أعم من ميتة السوء باب آداب المعطي الشرعية والعقلية وهي كثيرة والمذكور منها هو أن يعلم بالنظر أن الحكمة في تكليفه بالاعطاء أو الانفاق اشتماله على معاني كلها مصلحة له كما تقدم اجمالا في باب السخاء أحدها أن الانفاق ابتلاء في دعوى حبه تعالى وترك الدنيا فإن أول ما نطق به لسانه من ألفاظ الايمان كلمة الشهادة وهي التزام للتوحيد وشهادة بافراد المعبود ومن شرط تمام الوفاء بذلك أن لا يبقى للموحد محبوب سوى الواحد الفرد فإن المحبة التامة لا تقبل الشركة والتوحيد اللساني قليل الجدوى وإنما تمتحن درجة الحب بمفارقة المحبوبات والأموال أحد شطري الدنيا التي هي محبوبة للخلق وبسببها يفرون من الموت الذي هو موعد لقاء المحبوب كما مر فامتحنوا بتصديق دعويهم في ذلك وعن الرضا (ع) في قوله عز وجل لتبلون في أموالكم قال اخراج الزكاة وعن أبي عبد الله (ع) إنما وضعت الزكاة اختيارا للأغنياء ومعونة للفقراء والثاني أنه إزالة لصفة البخل كما سبق فإن لله على عبده نعما في نفسه وماله فالعبادات البدنية شكر للنعم النفسانية والمالية للمالية وبه يستحق المزيد ومن ثم سميت الزكاة زكاة لأنه نماء للمال فلا يقتصر على القدر الواجب لأنه إنما وضع على حوصلة أضعف المكلفين بل الموفق من راقب مواقيت الحاجات ومواسم الخيرات واغتنم الفرصة فصرف الفاضل عن قدر الحاجة إلى وجوه البر مهما ظهرت من غير تأخير بل يداوم على الحق المعلوم الذي وصفناه في الباب السابق وروى المفضل بن عمر أنه سأل الصادق (ع) وأنا عنده في كم تجب الزكاة من المال فقال للسائل الزكاة الظاهرة أم الباطنة تريد فقال أريدهما جميعا فقال أما الظاهرة ففي كل ألف خمسة وعشرون وأما الباطنة فلا تستأثر على أخيك بما هو أحوج إليه منك وأن يبتدئ بعطاء المحتاج بحيث لا يحوجه إلى السئول فورد في العطاء بعد المسألة أنه مكافأة لوجهه المبذول وثمن لما أخذ منه وليس بمعروف روى ذلك الذهلي مرفوعا عن أبي عبد الله (ع) قال المعروف ابتداء فأما من أعطيته بعد المسألة فإنما كافيته بذلك ما بذل لك من وجهه يبيت ليلته أرقا متململا يمثل بين اليأس والرجاء لا يدري أين يتوجه لحاجته ثم يغرم بالقصد لها فيأتيك وقلبه يرجف وفرائصه ترعد قد تراد دمه في وجهه لا يدري أيرجع بكآبة أو فرح وفي حديث أمير المؤمنين (ع) إذا أنا لم أعط الذي يرجوني إلا
(١٥٩)