وكيف كان فلا خلاف في أنه لا يشترط استدامة القبض بل يكفي تحققه ولو لحظة يسيرة فلو عاد إلى الراهن أو تصرف فيه لم يخرج عن الرهانة لعدم دلالة الآية والحديث على أكثر من القبض بل ربما قيل لا يدلان إلا على وجوب كونه مما يقبض وإن لم يقبض وإن كان غير سديد وفائدته المتجددة بعده للراهن كالمتقدمة عليه اجماعا لأنه نماء ملكه واحتباسه لحق المرتهن لا يخرجه عن الملك وفي موثقة إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم (ع) في رجل ارتهن دارا لها غلة لمن الغلة قال لصاحب الدار وفي حسنة ابن سنان وغيرها أنه قضى أمير المؤمنين (ع) في كل رهن له غلة أن غلته تحتسب لصاحب الرهن مما عليه وفي أخرى أنه (ع) قال في الأرض البور يرتهنها الرجل فليس فيها ثمرة فزرعها وأنفق فيها ماله أنه يحتسب له نفقته وعمله خالصا ثم ينظر نصيب الأرض فيحسبه من ماله الذي ارتهن به الأرض حتى يستوفى ماله فإذا استوفى ماله فليدفع الأرض إلى صاحبها وعن أبي عبد الله (ع) إن على الذي الأرض و الدار بماله أن يحسب لصاحب الأرض والدار ما أخذ من الغلة ويطرحه منه من الدين له والأخيرة وما في معناها متوافقة الفحوى في إباحة تصرف المرتهن في الفائدة من حساب ماله وظاهر الفتاوى المنع إلا بالإذن وهو أحوط والمتصلة منها كالسمن والطول داخلة في الرهن اجماعا وكذا المنفصلة كالثمرة المجذوذة والولد والقابلة له كالشعر والصوف والثمرة قبل الجذاذ على المشهور بل نقل عليه الاجماع أيضا لتبعية الأصل خلافا لمن احتج بالأصل والتبعية إنما هي في الملك لا في مطلق الحكم ولو شرط المرتهن دخولها أو الراهن خروجها كان أقوم وأحزم ولا يبطل بالموت مطلقا لأنه لازم من جهة الراهن وحق للمرتهن ولا يجوز أن يتصرف أحدهما فيه إلا بإذن الآخر اجماعا أما المرتهن فلأنه ليس مالكا وأما الراهن فلمنافات تصرفه ما هو المقصود من مصلحة المرتهن ولا فرق بين التصرف الناقل للملك وغيره إلا تصرفا يعود نفعه عليه كمداواة المريض وتأبير النخل وعمارة الدار ونحوها بل كل تصرف غير مضر به إذا كان من جهة الراهن المالك كالوطي لصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) في رجل رهن جاريته قوما أيحل له أن يطأها قال فقال إن الذين ارتهنوها يحولون بينه وبينها قلت أرأيت إن قدر عليها خاليا قال نعم لا أرى به بأسا ومثلها حسنة الحلبي عن أبي عبد الله (ع) إلا أنهما قاصرتان عن إفادة التعميم المقصود والمناسب للأصول الشرعية تعميم المنع واستثناء الوطي خاصة بالروايتين إن لم يستلزم خرقا للاجماع المركب وأنى به وهو لازم من طرف الراهن وإلا لانتفت فائدته وجايز من طرف المرتهن لأنه لمصلحته فإذا حل الدين المرتهن عليه وكان الراهن معسرا أو موسرا مماطلا باعه المرتهن إن كان وكيلا ويجوز اشتراط ذلك في العقد والأقوى أنه يلزم على الراهن ليس له عزله عنه وإن كان بحسب الأصل جايزا وكما يجوز اشتراطه للمرتهن يجوز لغيره فيكون هو البايع وإلا طلب المرتهن من مالكه الراهن البيع أو الإذن فيه لأداء حقه فإن لم يفعل دفع أمره إلى الحاكم ليجبره على أحد الثلاثة أو يبيع عليه لأنه ولي الممتنع وكذا الحكم لو كان مالكه غير الراهن وقد أذنه فيه لأن رهن مال الغير بإذنه صحيح اجماعا فتلحقه أحكامه فللمرتهن الوكيل بيعه وكذا الحاكم عند اعساره وإن لم يرض المالك لأن الإذن في الرهن إذن في لوازمها التي من جملتها البيع لايفاء حق المرتهن ولو تعذر ذلك لفقد الحاكم أو البينة المثبتة عنده ففي جواز استقلال المرتهن بالبيع والاستيفاء وجه قريب وأولى من ذلك ما لو خاف جحود الوارث كما في مكاتبة سليمان بن حفص عن أبي الحسن (ع) في رجل مات وله ورثة فجاء رجل فادعى عليه مالا وأن عنده رهنا فكتب (ع) إن كان له على الميت مال ولا بينة له فليأخذ ماله مما في يده وليرد الباقي على ورثته ومتى أقر بما عنده أخذ به وطولب بالبينة على دعواه وألحق بها ما لو غاب الراهن غيبته لا يطمع في رجوعه لكن المروي الصبر حينئذ كما في موثقة ابن بكير عن أبي عبد الله (ع) في رجل رهن رهنا ثم انطلق فلا يقدر عليه أيباع الرهن قال لا حتى يجئ صاحبه وقريب منها موثقة عبيد بن زرارة عنه (ع) والأولى رفع الأمر إلى الحاكم إن أمكن وإذا فلس الراهن قدم المرتهن على سائر الغرماء ولو قصر رهنه عن دينه شاركهم بالباقي سواء كان الراهن حيا كما سبق التنبيه عليه أو ميتا عند الأكثر حتى أنه عد من الاجماعيات وذلك لسبق تعلق حقه بالعين والصدوق ومن وافقه على أنه وسائر غرماء الميت سواء يوزعونه بينهم بالحصص وهو المروي ومنهم من أثبت التسوية في غرماء الحي أيضا وهو من مقابلة التفريط بالافراط والعين المرهونة أمانة لا يضمنها المرتهن إلا بالتفريط أو التعدي بالاجماع والنصوص وما ورد من الاطلاقات في ضمان الرهن محمول على أحد الصورتين ولا فرق في ذلك بين أن يكون من مال الراهن أو من مال غيره مهما كان الرهن بإذن مالكه لو تلف حينئذ ضمنه الراهن للمالك وإن لم يفرط ولم يتعد على المشهور لأنه بالرهن عرضه للاتلاف فكان مضمونا عليه وفي استفادة ذلك من الروايات اشكال ومن ثم نسبه في المفاتيح إلى القيل اشعارا بتمريضه وهذا أيضا من مواضع مخالفة الشرط ومتى أذن المالك للراهن إلى أجل أو مطلقا فرهنه إلى أجل كان له اجباره على الافتكاك بعد الحلول ورفع الأمر إلى الحاكم مع العجز ليجبره على ذلك مع اليسار ولا يجوز قبله موسرا كان أو معسرا للزومه بالرهن بإذنه باب الضمان وهو من الكفالات التي ورد التحذير عنها وأنها أهلكت القرون الأولى واشتقاقه من الضمن فإن الضامن يجعل الحق المضمون في ضمن ذمته ويطلق تارة على ما يقابل الحوالة و الكفالة وأخرى على ما يعمهما أيضا والمتبادر هو الأول وهو موضوع الباب وشرط صحته أهلية الضامن للتبرع المالي برفع الحجر عنه ورضاه كما يشترط ذلك في غيره من العقود ورضى المضمون له على المشهور لأن حقه ينتقل من ذمة إلى أخرى والناس يختلفون في حسن
(٢٥٤)