العدو عن فئته ونحو ذلك فيكر عليه والثاني بالمنحاز إلى عصبة يستنجد بهم في القتال أما المضطر كمن عرض له مرض أو نفد سلاحه فالوجه جواز انصرافه كما قالوه وكذا لا يجوز اختيارا قتل الصبيان والنساء والمجانين وإن عاونوا لعموم النهي والشيوخ الفانية كذلك ومنهم من قيده بما إذا لم يعاونوا برأي أو قتال ولو تترسوا بهم أو بمن عندهم من المسلمين وتعذر الوصول إليهم إلا بمناولتهم جاز لمكان الضرورة فيتقدر بقدرها وعليه تحمل رواية حفص بن غياث عن أبي عبد الله (ع) في مدينة من مداين أهل الحرب هل يجوز أن يرسل عليها الماء أو تحرق بالنار أو ترمى بالمجانيق حتى يقتلوا وفيهم النساء والصبيان والشيخ الكبير والأسارى من المسلمين والتجار فقال يفعل ذلك بهم ولا يمسك عنهم لهؤلاء ولا دية عليهم للمسلمين ولا كفارة وكذا لا يجوز الغدر كنقض العهد وخفر الهدنة ولا الغلول وهو الخيانة في المغنم كما سبق ولا التمثيل بالحي ولا بالميت منهم وهو قطع الأنف والأذن ونحو ذلك وفي الصحيح وغيره عن أبي عبد الله (ع) قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا بعث سرية دعا بأميرها فأجلسه إلى جنبه وأجلس أصحابه بين يديه ثم قال سيروا بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله لا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقطعوا شجرة إلا أن تضطروا إليها ولا تقتلوا شيخا فانيا ولا صبيا ولا امرأة ويكره القتال قبل الزوال فعن أمير المؤمنين (ع) أنه كان لا يقاتل حتى تزول الشمس ويقول تفتح أبواب السماء ويقبل الرحمة النصر وهو أقرب إلى الليل وأجدر أن يقل القتل ويرجع الطالب و يفلت المهزوم والتبييت وهو الايقاع بالعدو ليلا لما ورد أنه ما بيت رسول الله (ص) عدوا قط وفيه قصور وتعرقب الدابة أي قطع عرقوبها وهو عضب غليظ في رجلها بمنزلة الركبة في يدها والفعل منه عرقب وأما المزيد فيه فلا ذكر له في اللغة وإنما يكره إذا وقفت به أو أشرف على القتل والمحاربة بطرق الفتح كهدم الحصون ورمي المنجنيق وقطع الشجر مطلقا كما سبق وقيد في بعض الروايات بالمثمرة واحراق الزرع إذ لعلهم يحتاجون إليه كما ورد وارسال الماء عليهم ومنعهم عنه بصرفه عنهم أو غلبتهم على الشريعة وكذا إرسال النار والقاء ألستم لنهي النبي (ص) عنه كما في رواية السكوني وظاهره التحريم كما مال إليه في الدروس ونزول الكراهة في الكل عند المصلحة كما عرقب الطيار جواده بمؤتة حذرا أن يتقوى بها الكفارة وهو أول من فعل ذلك في الاسلام وكما قطع رسول الله صلى الله عليه وآله أشجار الطائف وأحرق دور بني النظير لتوقف الفتح على ذلك أو لبيان الجواز وكذا تكره المبارزة بين الصفين بدون إذن الإمام أو نائبه وقيل تحرم وتحرم قولا واحدا إن منع منها وتجب كذلك أن ألزم بها فإن كان معينا فعينا أو مبهما فكفاية ويجوز لكل أحد من آحاد المسلمين ولو كان أدناهم الأمان لآحاد الكفار بلفظ أو كتابة أو إشارة تدل على سلامة النفس والمال وما يتبعهما ويجب على أفضلهم الوفاء به لأن المؤمنين يد واحدة على من سواهم ويسعى بذمتهم أدناهم كما في المشهور وفسروا الآحاد بالعدد اليسير وهو هنا العشرة فما دون عملا بجمع القلة وهذا فرع ورود هذا اللفظ في الروايات مع أن في رواية مسعدة بن صدقة أن عليا (ع) أجاز أمان عبد مملوك لأهل حصن من الحصون وقال هو من المؤمنين وإنما يجوز مع عدم المفسدة كما في أمان العين وقيل لا يكفي ذلك بل يشترط وجود المصلحة كاستمالته ليرغب في الاسلام وترقية الجند ويشترط أيضا أن يكون ذلك قبل الأسر فلو كان بعده لم ينفذ إلا من الإمام وللإمام أو نائبه بذل الأمان للبلد وما هو أعم منه ويجوز لهما أيضا المهادنة وهي المعاقدة على ترك الحرب مدة معينة بعوض أو غيره وحدت في الكثرة بعشر سنين وإنما يجوز مع المصلحة الغير المحوجة وربما يجب معها وتملك نساء الحربيين من الكفار ولو كتابيين غير ملتزمين بشرايط الذمة وكذا أطفالهم حتى الملتقط في ديارهم تبعا للدار إذا لم يكن فيها مسلم يمكن تولده منه عادة بالسبي مطلقا وبكل سبب يتوصل به إلى اثبات اليد عليهم في بلادهم أو بلاد الاسلام ولو بسرقة أو غيله أو شراء من ذي رحم أو غيره ممن له عليه يد بل ولو من زوج المرأة سواء كان نكاحها صحيحا أو فاسدا لأنهم فئ في الحقيقة وفي رواية عبد الله اللحام عن أبي عبد الله (ع) في رجل يشتري من رجل من أهل الشرك ابنته قال لا بأس إلا أن الداخلين منهم في بلاد الاسلام بأمان ولو من آحاد المسلمين المطيعين لأحكامه كالموجودين في بلادنا الآن من الصائبة والهنود ولا يجوز التعرض لهم على وجه المكابرة والمغالبة ولا لأموالهم كذلك وإن جاز أخذ الربا عنهم على وجه المراضاة لعموم قوله صلى الله عليه وآله يسعى بذمتهم أدناهم كما سبق وفي هذا الشراء بيعا في الحقيقة وعدمه وجهان اختار ثانيهما في المفاتيح فلا تلحقه أحكامه أما الذكور البالغون ويستعلم ذلك فيهم بالانبات كما فعله رسول الله صلى الله عليه وآله ببني قريظة ولتعذر العلم بغيره من العلامات غالبا فيقتلون إن أخذوا والحرب قائمة ولم يسلموا أو يعجزوا عن المشي إلى محضر الإمام وفي رواية طلحة بن زيد عن أبي عبد الله (ع) إذا كانت الحرب قائمة لم تضع أوزارها ولم يثخن أهلها فكل أسير أخذ في تلك الحال فالإمام فيه بالخيار إن شاء ضرب عنقه وإن شاء قطع يده ورجله من خلاف بغير حسم وتركه يتشحط في دمه حتى يموت وأن لا يكن كذلك بأن أخذوا بعد أن تضع الحرب أوزارها أو أسلموا تخير الإمام فيهم بين المن عليهم بالتخلية مجانا وأخذ الفداء منهم وقدره موكول إلى نظره والاسترقاق ويختار بحسب المصلحة فإن اختار أحد الأخيرين دخل في الغنيمة كما يدخل فيها الأطفال والنساء ولا قتل عليهم كما لا قتل عليهم وكذا لو عجزوا عن المشي إلى الإمام فإن أمكن حملهم وإلا تركوا كما في رواية الزهري عن علي بن الحسين (ع) إذا أخذت أسيرا فعجز عن المشي وليس لك محمل فأرسله ولا تقتله فإنك لا تدري ما حكم الإمام فيه وأما أحكام الغنايم وهي ما غلبت عليه فئة المجاهدة من أموال
(١٩٩)