على ما يستثنى من لبس القميص وما عطف عليه مما لا يكاد يفرض له وجه استقامة إلا بتعسف شديد والحرير والقفازين للمرأة على الاحتياط ففي صحيحة عيص بن القاسم عن أبي عبد الله (ع) المرأة المحرمة تلبس ما شاءت من الثياب غير الحرير والقفازين والمشهور في الأول الكراهة وهو قرينة لها في الأخير أيضا لكن المشهور فيه التحريم وظاهر التذكرة والمنتهى الاجماع والقفاز كرمان شئ يعمل لليدين يحشى بقطن تلبسهما المرأة للبرد وتغطية الرأس للرجل اجماعا وكذا الأذن كما في المفاتيح وغيره لصحيحة عبد الرحمن قال سألت أبا الحسن (ع) عن المحرم يجد البرد في أذنيه يغطيهما قالا لا وتغطية الوجه للمرأة لأن احرامها في وجهها كما أن احرام الرجل في رأسه كما في النبوي وغيره وقد نقلوا الاجماع على جواز سدل ثوبها من فوق رأسها على وجهها إلى طرف أنفها وفي بعض الصحاح إلى الذقن وفي بعضها إلى نحرها مطلقا أو إذا كانت راكبة ومنهم من أوجب المجافات بخشبة ونحوها لئلا يصيب البشرة والنصوص خالية عنه والتظليل راكبا له على المشهور وخلاف ابن الجنيد شاذ ويجوز للمرأة والصبي وحالة النزول والمشي وقيل لا ينصب ثوبا فوق رأسه سايرا مطلقا والارتماس في الماء لهما أما إفاضة الماء على الرأس فجايز لهما كما ورد ويجوز اتيان هذه المحرمات كلها مع الاضطرار فإنها حينئذ من التسعة المرفوعة كما سبق وكلما غلب الله عليه فهو أولى بالعذر وإنما يخص بعضها باستثناء حال الضرورة تبعا للنصوص ويكره استعمال الحناء للزينة وقيل بتحريمه ولا يخلو من قوة ودخول الحمام وبها يجمع فيه بين ما دل على المنع والجواز ودلك الجسد فيه وفي غيره وفي صحيحة ابن عمار لا بأس أن يدخل المحرم الحمام ولكن لا يتدلك وفي صحيحة يعقوب بن شعيب يفيض الماء على رأسه ولا يدلكه وفي معنا هما غيرهما من دون معارض فالتحريم قوي كما هو ظاهر بعض المتأخرين باب الآداب وأكثرها من السنن وهي أمور كثيرة والأصل الأول اخلاص النية لله عز وجل عن كل شوب خصوصا عن الرياء والسمعة فإنهما فيه أقوى فعن أبي عبد الله (ع) من حج يريد به الله لا يريد به رياء وسمعة غفر الله له البتة وعنه (ع) الحج حجان حج لله وحج للناس فمن حج لله كان ثوابه على الله الجنة ومن حج للناس كان ثوابه على الناس يوم القيامة والتأدب بآداب السفر كما يأتي في باب السفر من كتاب المعيشة ولا سيما توسع الزاد وتطييبه وفي الحديث النبوي ما من نفقة أحب إلى الله من نفقة قصد ويبغض الاسراف إلا في حج أو عمرة وعن علي بن الحسين (ع) أنه كان إذا سافر إلى مكة للحج أو العمرة تزود من أطيب الزاد من اللوز والسكر والسويق المحمض والمحلى وطيب الكلام ولينه وخفض الجناح مع الرفقة والصبر على أذى الجمال والمكاري ما استطاع فورد عن النبي صلى الله عليه وآله بر الحج طيب الكلام واطعام الطعام وليس للحج المبرور جزاء إلا الجنة وعدم المماكسة في الكري وفي ثمن الأضحية وهما من الأربعة التي لا يماكس فيها ولا الاغتنام بالانفاق بالجزيل وبما أصيبه في المال فدرهم منه بعد سبعمائة درهم في غيره من وجوه سبيل الله وفي رواية مائة ألف وفي أخرى ألفي ألف وأن تكون النفقة حلالا فورد أن من حج بمال حرام نودي عند التلبية لا لبيك عبدي ولا سعديك وفي آخر خطبة خطبها رسول الله صلى الله عليه وآله من اكتسب مالا حراما لم يقبل الله منه صدقة ولا عتقا ولا حجا ولا اعتمارا وأن تكون اليد خالية عن تجارة تشغل القلب وتفرق الهم وما ورد في اجزاء حج المتاجر موجه إما بالتقييد باعتبار الوصف إن اعتبر تقييديا أو أن الاجزاء في ظاهر الشريعة كثيرا ما يتحقق مع فوات الكمال المستلزم للقبول كما تقدم نظيره وأن يكون القلب مطمئنا عن ذكر الأهل والأولاد وكل شاغل منصرفا عن جميع ذلك إلى ذكر الله وتعظيم ما يشاهد من شعائره فإنه من تقوى القلوب محضرا عند كل حركة وسكون من الأفعال والتروك الموظفة متذكرا به أمرا أخرويا يناسبه كما في مصباح الشريعة قال أبو عبد الله (ع) إذا أردت الحج فجرد قلبك لله (تع) من كل شاغل وحجاب حاجب وفوض أمورك كلها إلى خالقك وتوكل عليه في جميع ما تظهر من حركاتك وسكناتك وسلم لقضائه وحكمه وقدره وودع الدنيا والراحة والخلق وأخرج من حقوق تلزمك من جهة المخلوقين ولا تعتمد على زادك وراحلتك وأصحابك وقوتك وشبابك ومالك مخافة أن يصير ذلك عدوا ووبالا فإن من ادعى رضا الله واعتمد على ما سواه صيره عليه وبالا وعدوا ليعلم أنه ليس له قوة ولا حيلة ولا لأحد إلا بعصمة الله وتوفيقه فاستعد استعداد من لا يرجو الرجوع وأحسن الصحبة وراع أوقات فرايض الله وسنن نبيه صلى الله عليه وآله وما يجب عليك من الأدب والاحتمال والصبر والشكر والشفقة والسخاوة وايثار الزاد على دوام الأوقات ثم اغسل بماء التوبة الخالصة ذنوبك والبس كسوة الصدق والصفا والخضوع والخشوع وأحرم من كل شئ يمنعك عن ذكر الله ويحجبك عن طاعته ولب بمعنى إجابة صادقة صافية خالصة زاكية لله سبحانه في دعوتك متمسكا بالعروة الوثقى وطف بقلبك مع الملائكة حول العرش كطوافك مع المسلمين بنفسك حول البيت وهرول هربا من هواك وتبرأ من حولك وقوتك وأخرج من غفلتك وزلاتك بخروجك إلى منى ولا تتمن ما لا يحل لك ولا تستحقه واعترف بالخطايا بعرفات وجدد عهدك عند الله بوحدانيته وتقرب إليه واتقه بمزدلفة واصعد بروحك إلى الملأ الأعلى بصعودك على الجبل واذبح حنجرة الهوى والطمع عنك عند الذبيحة وارم الشهوات والخساسة والدنائة والذميمة عند رمي الجمار واحلق العيوب الظاهرة والباطنة بحلق شعرك وادخل في أمان الله وكنفه وستره وكلائته من متابعة مرادك بدخول الحرم ودر حول البيت متحققا لتعظيم صاحبه ومعرفة جلاله وسلطانه واستلم الحجر رضا بقسمته وخضوعا لعزته وودع ما سواه بطواف الوداع واصف سرك وروحك للقائه يوم تلقاه بوقوفك على الصفا وكن بمرأى من الله تقيا عند المروة واستقم على
(١٨٣)