إسماعيل الحسيني (رحمه الله) إلى بلاد الهند، وبها نشأ، فكان مما قال: إن جعفر الصادق (عليه السلام) وأباه لا يشك أحد في عدالتهم واجتهادهم وغزارة علمهم، وإن مذاهبهم كانت حقة، لكن لم تنقل مذاهبهم كما نقلت مذاهب الأئمة الأربعة، ولم يفرع العلماء على مذاهبهم كما فرعوا على مذاهب هؤلاء، ولو نقلت مذاهبهم لم نشك في تصويب من اتبعها.
فقلت له: إن كان مقصودك أن أهل السنة لم تنقل مذاهبهم فهو حق، لكنه غير قادح في ما الشيعة عليه؛ لأن أصحاب كل إمام من أئمتكم لم ينقلوا فروع الإمام الآخر، ولا فرعوا على مذهبه. وإن كان مقصودك أن الشيعة أيضا لم ينقلوها ولم يفرعوا عليها، فهذا مكابرة في الضروريات والمشاهدات؛ لأنهم أحرص الناس على نقل مذاهبهم والتفريع عليها، ونقلهم مذاهبهم وتفاريعهم عليها، ومؤلفاتهم في ذلك أكثر من أن تحصى، لا ينكرها ذو بصيرة؛ لأنهم يعتقدون عصمتهم، وأن ما يقولونه هو قول الرسول الذي لا ينطق عن الهوى، لا كأهل السنة الذين يعتقدون أن ما يقوله إمامهم بالاجتهاد، وأن المجتهد قد يخطئ وقد يصيب.
وأصولهم التي نقلوها عنهم تزيد أضعافا كثيرة عما نقلتموه عن النبي (صلى الله عليه وآله)، وعندي منها جانب إن شئت أريتكه.
فقال: نعم، ولكن لهم الآن نحو ثمانمائة، والرجال والوسائط الذين نقلوه غير معروفين، فكيف نحكم بصحة ذلك عنهم؟
قلت: الجواب كالأول؛ لأن رجال الأئمة (عليهم السلام) ومن نقل عنهم إلى يومنا هذا كلهم عندهم معروفون، قد ألفوا فيهم كتبا كثيرة في الجرح والتعديل، ونقل الأسانيد، وتقسيمها إلى الصحيح والحسن والموثق والضعيف، على أكمل الوجوه، بل علماؤهم لا يقبلون إلا رواية من نص على توثيقه؛ لأن الشرط عندهم علم العدالة، لا عدم علم الفسق كما يقوله [بعض] أهل السنة، وعندي من كتب رجالهم شئ إن شئت عرضته عليك.
فسكت، ولم يجب بشيء (1).