ولا مباحث؛ مع أنهم لم يشاهدوا قط مختلفين إلى معلم (1)، ولا ادعى ذلك عليهم مدع من أوليائهم ولا من أعدائهم، بل كل واحد منهم يسند عن آبائه عن رسول الله.
وهذا من أقوى الأدلة على اختصاصهم بالمزايا التي يقطع كل ذي لب بأنها من الله؛ ميزهم بها عن الخلق.
ومعجزاتهم الباهرات وإخبارهم بالمغيبات، مما قد نقله الثقات واشتهر في كل الأمكنة والأوقات.
أولئك آبائي فجئني بمثلهم * إذا جمعتنا يا جرير المجامع ثم إنهم - صلوات الله وسلامه عليهم - مع هذه الأخلاق الطاهرة والكرامات الظاهرة والعلوم الباهرة، يصوبون شيعتهم في الأخذ عنهم، والعمل بفتاواهم، ولم يزالوا يعيبون على غيرهم ممن قال برأيه اعتمادا على استحسان أو قياس، وينسبونهم إلى الضلال والقول في الدين بغير الحق، ويستخفون رأي من يأخذ عنهم وينسبونه إلى الجهل! يعلم ذلك علما ضروريا صادرا عن النقل المتواتر.
ومن رام إنكار ذلك كان كمن رام إنكار المتواترات من سنن النبي (صلى الله عليه وآله) وسيرته ومعجزاته.
ولا مرية أن النقلة والنقل عنهم تزيد أضعافا كثيرة عما نقل عن كل واحد من رؤساء العامة، ومن أنكر ذلك كان كمن أنكر الضروريات من المشاهدات.
وإذا اعتبر ذو أدنى عقل وإنصاف جزم بصحة نسبة ما نقل عنهم إليهم، فإن أنكره كان ذلك مكابرة محضة وتعصبا صرفا.
وحينئذ نقول: الجمع بين الإجماع على عدالتهم وتواتر هذا النقل عنهم - مع بطلانه - مما يأباه العقل ويبطله الاعتبار بالضرورة، وبالله التوفيق.
ولقد بحثت مع بعض فضلائهم من أهل فارس، وكان ذا إنصاف شهير وفضل كثير، ولكنه لم يكن يعرف شيئا من أحوال الشيعة أصلا؛ لأنه هرب مع والده من الشاه