و (لو علم به) لما وثقه.
وأصالة عدم الجارح مع ظهور تزكيته غير كاف في هذا المقام؛ إذ لابد من البحث عن حال الرواة على وجه يظهر به أحد الأمور الثلاثة: من الجرح، أو التعديل، أو تعارضهما حيث يمكن، بل إضرابه عن تسميته مريب في القلوب.
(نعم، يكون ذلك) القول (منه تزكية) للمروي عنه (حيث يقصدها) بقوله:
" حدثني الثقة "؛ إذ قد يقصد به مجرد الإخبار من غير تعديل، فإنه قد يتجوز في مثل هذه الألفاظ في غير مجلس الشهادة.
وهل ينزل الإطلاق على التزكية، أم لابد من استعلامه؟ وجهان، أجودهما تنزيله على ظاهره من عدم مجازفة الثقة في مثل ذلك.
وعلى تقدير تصريحه بقصد التزكية، أو حمل الإطلاق عليها (ينفع) قوله (مع ظهور عدم المعارض). وإنما يتحقق ظهوره مع تعيينه بعد ذلك والبحث عن حاله، وإلا فالاحتمال قائم كما مر.
وذهب بعضهم إلى الاكتفاء بذلك ما لم يظهر المعارض أو الخلاف (1). وقد ظهر ضعفه.
ومثله: ما لو قال: " كل من رويت عنه فهو ثقة وإن لم أسمه " ثم روى عمن لم يسمه، فإنه يكون مزكيا له، غير أنا لا نعمل بتزكيته هذه؛ لما قررناه.
وقول العالم: " هذه الرواية صحيحة " في قوة الشهادة بتعديل رواتها؛ فأولى بعدم الاكتفاء بذلك.
(ولو روى العدل عن رجل سماه، لم تجعل روايته عنه تعديلا له على) القول (الأصح) بطريق أولى؛ لأنه يجوز أن يروي عن غير عدل، وقد وقع من أكثر الأكابر من الرواة والمصنفين ذلك، خلافا لشذوذ من المحدثين؛ ذهبوا إلى اقتضاء ذلك التعديل (2).