وقد اتفق لكثير من العلماء جرح بعض، فلما استفسر ذكر ما لا يصلح جارحا.
قيل لبعضهم: لم تركت حديث فلان؟ فقال: رأيته يركض على برذون! (1) وسئل آخر عن رجل من الرواة، فقال: ما أصنع بحديثه، ذكر يوما عند حماد فامتخط حماد! (2) ويشكل بأن ذلك آت في باب التعديل؛ لأن الجرح كما تختلف أسبابه كذلك فالتعديل يتبعه في ذلك؛ لأن العدالة تتوقف على اجتناب الكبائر مثلا فربما لم يعد المعدل بعض الذنوب كبائر، ولم يقدح عنده فعلها في العدالة؛ فيزكي مرتكبها بالعدالة، وهو فاسق عند الآخر بناء على كونه مرتكبا لكبيرة عنده.
ومن ثم ذهب بعضهم إلى اعتبار التفصيل فيهما (3).
ومن نظر إلى صعوبة التفصيل ونحوه، اكتفى بالإطلاق فيهما (4).
أما التفصيل باختلاف الجرح والتعديل في ذلك، فليس بذلك الوجه.
(نعم، لو علم اتفاق مذهب الجارح والمعتبر) - بكسر الباء - وهو طالب الجرح والتعديل ليعمل بالحديث أو يتركه، (في الأسباب) الموجبة للجرح؛ بأن يكون اجتهادهما في ما به يحصل الجرح والتعديل واحدا، أو أحدهما مقلدا للآخر، أو كلاهما مقلدا لمجتهد واحد، (اتجه الاكتفاء بالإطلاق) في الجرح (كالعدالة). وهذا التفصيل هو الأقوى فيهما.
واعلم أنه يرد على المذهب المشهور - من اعتبار التفسير في الجرح - إشكال مشهور؛ من حيث إن اعتماد الناس اليوم في الجرح والتعديل على الكتب