وقال الصادق (عليه السلام): " حديث تدريه خير من ألف ترويه، ولا يكون الرجل منكم فقيها حتى يعرف معاريض كلامنا، وإن الكلمة من كلامنا لتنصرف إلى سبعين وجها ".
وانطلاقا مما سبق ذكره ألف علماء الشيعة كتبا كثيرة، ورسائل وفيرة في هذا المجال، ورسخوا بذلك أسس استنباط الأحكام الإلهية والإسلامية وخلفوا تراثا حديثيا هائلا وكنزا ثمينا من هذه المعارف، حتى أنه غدا يصعب على الباحث أن يحيط بكل من ألف وكل ما ألف.
ومن المؤسف أن كثيرا من آثارهم مفقود، أو مجهول، أو طبع غير محقق ومغلوط وكثيرا منها مخطوط على رفوف المكتبات العامة والخاصة، بعيدة عن أيدي الباحثين والطلاب.
هذا، وقد عزم مركز أبحاث دار الحديث، على تحقيق ما تيسر له من ميراث الشيعة في هذا المضمار. ولهذا السبب ركز اهتمامه أولا على التعرف على الآثار الشيعية المكتوبة - سواء كانت كتبا أو رسائل أو مقالات - والتعريف بها، ثم المبادرة بعد ذلك إلى نشرها على هيئة كتب مستقلة. ويجري العمل حاليا على تحقيق ونشر رسائل مهمة مما كان قد ألفه علماء الشيعة في هذا الحقل.
يضم الكتاب الذي بين أيديكم مسردا بجميع الآثار المكتوبة في علم الدراية، إضافة إلى مجموعة من أهم الرسائل التي ألفت في هذا المضمار. ويضم هذا المجلد بين دفتيه أربع رسائل أصيلة ومهمة. وستعرض رسائل أخرى في مجلدات تفرد لها.
تم تحقيق هذه الآثار من قبل باحثين أفاضل في الحوزة العلمية. وانتهى العمل من جمع ووصف مصنفات الشيعة في الدراية، وأنجزت كذلك مهمة الاعداد والتنسيق والترتيب اللازم من قبل الشيخ الفاضل سماحة حجة الإسلام أبو الفضل حافظيان، بالتعاون مع الباحث البارع سماحة حجة الإسلام والمسلمين علي أوسط ناطقي.
ولهذا لا يسعنا إلا أن نقدم جزيل شكرنا لهذين الباحثين العزيزين وسائر المحققين الأعزاء. ونسأل الله تعالى أن يتقبل منهم ومنا، ويجعل هذا الجهد ذخرا لهم ولنا يوم لا ينفع مال ولا بنون، إنه سميع الدعاء.
قسم إحياء التراث مركز بحوث دار الحديث ربيع الأول 1424 محمد حسين الدرايتي