____________________
الثالث: قال شيخنا البهائي قدس سره: لا ريب في وجوب التوبة على الفور، فإن الذنوب بمنزلة السموم المضرة بالبدن، وكما يجب على شارب السم المبادرة إلى الاستفراغ تلافيا لبدنه المشرف على الهلاك، كذلك يجب على صاحب الذنوب المبادرة إلى تركها والتوبة منها تلافيا لدينه المشرف على الاضمحلال (1).
قال: ولا خلاف في أصل وجوبها سمعا، للأمر الصريح بها في القرآن، والوعيد الحتم على تركها فيه، قال تعالى: «يا ايها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا» (2)، وقال: «ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون» (3).
وإنما الخلاف في وجوبها عقلا، فأثبته المعتزلة لدفعها ضرر العقاب، وهذا كما لا يخفى لا يدل على وجوب التوبة عن الصغائر ممن يجتنب الكبائر، لأنها تكفره حينئذ، ولهذا ذهب البهشمية إلى وجوبها عن الصغائر سمعا لا عقلا، نعم الاستدلال بأن الندم على القبيح من مقتضيات العقل الصحيح يعم القسمين.
وأما فورية الوجوب فقد صرح به المعتزلة، وقالوا: يلزم بتأخيرها ساعة إثم آخر تجب التوبة منه أيضا، حتى أن من أخر التوبة عن الكبيرة ساعة واحدة فقد فعل كبيرتين، وساعتين أربع كبائر، الأوليان وترك التوبة عن كل منهما، وثلاث ساعات ثمان كبائر، وهكذا. وأصحابنا يوافقونهم على وجوب الفورية، لكنهم لم يذكروا هذا التفصيل فيما رأيته من كتبهم الكلامية.
الرابع: قال بعض أرباب القلوب: الناس في التوبة على أحوال: رجل مسوف بالتوبة مدافع بها، اغتر بطول الأمل ونسي هجوم الأجل، فهذا متى أدركه الموت أدركه على الإصرار فهو هالك.
قال: ولا خلاف في أصل وجوبها سمعا، للأمر الصريح بها في القرآن، والوعيد الحتم على تركها فيه، قال تعالى: «يا ايها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا» (2)، وقال: «ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون» (3).
وإنما الخلاف في وجوبها عقلا، فأثبته المعتزلة لدفعها ضرر العقاب، وهذا كما لا يخفى لا يدل على وجوب التوبة عن الصغائر ممن يجتنب الكبائر، لأنها تكفره حينئذ، ولهذا ذهب البهشمية إلى وجوبها عن الصغائر سمعا لا عقلا، نعم الاستدلال بأن الندم على القبيح من مقتضيات العقل الصحيح يعم القسمين.
وأما فورية الوجوب فقد صرح به المعتزلة، وقالوا: يلزم بتأخيرها ساعة إثم آخر تجب التوبة منه أيضا، حتى أن من أخر التوبة عن الكبيرة ساعة واحدة فقد فعل كبيرتين، وساعتين أربع كبائر، الأوليان وترك التوبة عن كل منهما، وثلاث ساعات ثمان كبائر، وهكذا. وأصحابنا يوافقونهم على وجوب الفورية، لكنهم لم يذكروا هذا التفصيل فيما رأيته من كتبهم الكلامية.
الرابع: قال بعض أرباب القلوب: الناس في التوبة على أحوال: رجل مسوف بالتوبة مدافع بها، اغتر بطول الأمل ونسي هجوم الأجل، فهذا متى أدركه الموت أدركه على الإصرار فهو هالك.