لكونها ألطافا.
وينبه عليه: أن الشئ إذا صار واجبا، زاد اهتمام المكلف بفعله، والحرص على تحصيله، وذلك ممران على الاهتمام بواجب آخر، ومحرض عليه، قال الله تعالى: ﴿فأما من أعطى واتقى، وصدق بالحسني، فسنيسره لليسرى﴾ (1): وكذلك الكلام في الانقلاب إلى الحرام، فيه ما ذكر من الوجوه.
ومن هنا يظهر جواز نذر فعل الواجب وترك الحرام، لان الاهتمام حينئذ يكون أتم، وعقد الهمة بهما، فعلا وتركا، أقوى، فيدخلان في حيز لطف جديد بالنسبة إلى ما كانا لطفا فيه.
فإن قلت: لا يجب في اللطف البلوغ إلى أقصى غايته، وقد كان اللطف حاصلا قبل فعل النذر، فلم يصادف النذر ما يحتاج إليه من اللطف، فكيف تجب المندوبات أو ينعقد نذر الواجبات؟!
قلت: ذلك في التكليف الأصلي، أما التابع لاختيار المكلف، بأن (2) يصيره لطفا، فلا مانع منه، لان زيادة التقرب حاصلة به بالضرورة، فمسمى اللطف متحقق فيه، وكان المانع من الوجوب التخفيف عن المكلف.، فإذا اختار المكلف الأثقل لنفسه، فلا مانع حينئذ من وصفه بالوجوب. ولأنه لا مانع في الحكمة أن يقول النبي للمكلف: إذا اخترت (3) الفعل الفلاني فقد جعله الله لطفا لك في الواجب الفلاني، وهو المطلوب.