وأمر السلطان أيضا كبار علماء العامة بالحضور في هذه المدرسة، تنمية للحركة العلمية واستمرارا للمباحثات الحرة السليمة بين المذاهب، وممن كان في هذه المدرسة المولى بدر الدين التستري والمولى نظام الدين عبد الملك المراغي والمولى برهان الدين والخواجة رشيد الدين والسيد ركن الدين الموصلي والكاتبي القزويني والكيشي وقطب الدين الفارسي وغيرهم.
وختاما لهذا الفصل الشيق نذكر ظريفتين جميلتين حدثتا بعد انتهاء المناظرة واستبصار السلطان.
الأولى: أن العلامة بعد ما فرغ من هذه المناظرة في مجلس السلطان محمد خدابنده خطب خطبة بليغة بمثابة الشكر، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي والأئمة من بعده علهم السلام، وكان في المجلس رجل من أهل الموصل يدعي أنه سيد اسمه ركن الدين الموصلي كان قد اسكته العلامة في المناظرة اعترض على العلامة في هذه الخطبة، فقال: ما الدليل على جواز الصلاة على غير الأنبياء؟ فقرأ العلامة في جوابه بلا انقطاع قوله تعالى: (الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) (1).
فقال هذا اللاسيد من باب العناد وعقوق الآباء والأجداد: أي مصيبة أصابت عليا وأولاده ليستوجبوا بها الصلاة؟
فذكر له العلامة مصائبهم المشهورة، ثم قال: وأي مصيبة أعظم عليهم وأشنع أن حصل من ذراريهم مثلك الذي يرجح المنافقين الجهال المستوجبين اللعنة والنكال عليهم.
فتعجب الحاضرون من قوة جواب العلامة، وضحكوا على هذا الموصلي.
ونظم بعض الحضار الشعراء في ذلك المجلس هذين البيتين في شأن هذا السيد:
إذا العلوي تابع ناصبيا * لمذهبه فما هو من أبيه