وإذا قال لأربع نسوة أو أقل منهن إحداكن طالق، فكلامه لغو لا حكم له. وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري وعثمان البتي والليث، إذا لم ينو واحدة بعينها حين قال، فإنه يختار أيتهن شاء، فيوقع الطلاق عليها والباقيات نساؤه. وقال مالك إذا لم ينو واحدة بعينها طلق عليه جميع نسائه. وقال الشافعي إذا قال لامرأتيه إحداكما طالق ثلاثا، منع منهما حتى يبين. فإن قال لم أرد هذه كان إقرارا منه بالأخرى.
دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه الاجماع المتكرر ذكره. وأيضا فإن المسنون في الطلاق المشروع فيه أن يسمي المطلقة ويشير إليها بعينها ويرفع الجهالة في أمرها، وإذا قال إحداكن فطالق فما ميز ولا فرق ولا بين فهو بخلاف المشروع في الطلاق وإنما يعرف وقوع حكم له، الطلاق بأن يشرع لنا فإذا كان لا شرع في ذلك ولا حكم له، فلا تقع الفرقة به. فأما ما يذهب إليه من يقول أن الجميع يطلقن، فبعيد من الصواب، لأن المطلقة واحدة فإن كانت بغير عينها فكيف يجوز إيقاع الطلاق على الجميع وليس هذا بمثل أن يطلق امرأة بعينها ثم ينساها، لأن التحريم هناك تعلق بعين وهي هنا تعلق لا بعين.
المسألة الخامسة والستون: والمائة:
الخلع فرقة بائنة وليست كل فرقة طلاقا كفرقة الردة واللعان. عندنا أن الخلع إذا تجرد عن لفظ الطلاق بانت به المرأة وجرى مجرى الطلاق في أنه ينقص من عدد الطلاق وهذه فائدة اختلاف الفقهاء في أنه طلاق أو فسخ، لأن من جعله فسخا لا ينقص به من عدد الطلاق شيئا فيحل له، وإن خلعها ثلاثا. وقال أبو حنيفة وأصحابه ومالك والثوري والأوزاعي والبتي والشافعي في أحد قوليه أن الخلع تطليقة ثابتة. وللشافعي قول آخر أنه فسخ وروي ذلك عن ابن عباس وهو قول أحمد وإسحاق.
والدليل على صحته ما ذهبنا إليه الاجماع المتقدم ذكره ويدل على ذلك أيضا ما روي أن ثابت بن قيس لما خلع زوجته بين يدي النبي ص لم يأمره بلفظ الطلاق.
فلما خالعها قال لها رسول الله ص اعتدي. ثم التفت إلى أصحابه فقال هي واحدة. فهذا دلالة على أنه طلاق وليس بفسخ. على أن الفسخ لا يصح في النكاح