فإن قيل: أي فائدة على هذا الجواب في قوله عصيت ربك وفي أي شئ عصى إذا كان الترتيب ما رتبتموه؟
قلنا: يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون النبي ص علم من زوجة ابن عمر الخير والبر والموافقة له وأنه متعد للصواب في فراقها وتكون المعصية من حيث فارق خيرا موافقا بغير استحقاق والوجه الآخر أن اخراج الزوج نفسه من التمكن من مراجعة المرأة مكروه له ومن طلق ثلاثا في ثلاثة أطهار لا تحل له هذه المرأة إلا بعد نكاحها لغيره وهو لا يدري مما ينقلب به قلبه ولهذا حمل العلماء قوله: وطلقوهن لعدتهن، بأنه أراد به الواحدة ليملك المراجعة بدلالة قوله لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا. ومن أبان زوجته بالتطليقات الثلاث في الأطهار الثلاثة والمراجعة بينها فقد حرمها على نفسه إلا بعد أن تنكح زوجا غيره ويكره له ذلك. والجواب الثاني في معنى الخبر هو أن يحمل قوله بانت زوجتك إذا خرجت من العدة فإن المطلق ثلاثا بلفظ واحد تبين بالثلاث وهي بدعة وإنما تبين له أن يطلق واحدة.
فإن قيل ليس في الخبر أن زوجتك تبين بعد انقضاء العدة. والظاهر أنها تبين في الحال.
قلنا إذا كان الظاهر ما ادعيته قلنا إن نعدل عنه إلى إضمار فيه وزيادة عليه للأدلة التي قدمناها كما نفعل ذلك في كتاب الله تعالى فيؤول ظواهره ويزيد فيه الزيادات للأدلة القاطعة. فإن تعلقوا بما روي أن عبد الرحمن طلق امرأته " تماضر " ثلاثا فالجواب عنه ليس في الخبر أنه طلقها بلفظ واحد وفي حالة واحدة. ويجوز أن يكون طلقها في أطهار ثلاثا يخللها مراجعة على ما تقدم ذكره وهذه الطريقة يمكن أن نسلك في كل خبر يتعلقون به متضمن وقوع طلاق ثلاث فقد نبهنا على طريق الكلام فيه.
المسألة الثانية والستون والمائة:
الطلاق لا يتبع الطلاق حتى يتحلل بينهما الرجعة في أحد القولين. هذا صحيح وهو الذي نذهب إليه وقد دللنا على أن الطلاق إذا وقع عقيب الطلاق من غير رجعة كان بدعة