وبينا أن الطلاق البدعي لا يقع ولا حكم له في الشرع وفي ما معنى من ذلك كفاية.
المسألة الثالثة والستون والمائة:
إذا قال الرجل لامرأته أنت طالق ثلاثا لم تطلق إلا واحدة. هذا صحيح وهو الذي يذهب إليه أصحابنا وقد قال الشاذ منهم أن الطلاق الثلاث لا يقع شئ منه والقول على ما قدمناه. وخالف جميع الفقهاء في ذلك. دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه الاجماع المتردد ذكره.
وأيضا فإن من قال لزوجته أنت طالق ثم قال ثلاثا وتكاملت شرايط الطلاق كلها من طهر لا جماع فيه وشهادة واختيار، فقد تلفظ بالواحدة التي سنت له وإنما أتبعها بلفظ ثلاثا فلقي ما أتبعها به وسقط وجرى مجرى أن يقول أنت طالق وتبعه بلفظ لا حكم له في الشريعة مثل أن يقول دخلت الدار وأكلت الخبر وما جرى مجرى ذلك. وقد علمنا أنه إذا أتبع هذه اللفظة وهي قوله أنت طالق بكل لفظ لا يؤثر حكما في المطلقة، فإن حكم اللفظة الأولى باق وواقع ولا تأثير لما أتبعها به. فإن قيل لم يسن له أن يقول لها أنت طالق ثم يقول ثلاثا فيجب أن لا يقع طلاقه. قلنا ولم يسن له أن يقول لها أنت طالق ثم يشتمها أو يقذف غيرها ومع ذلك فلو فعل خلاف ما سن له وبما يكون به عاصيا لم يخرج اللفظة الأولى من وقوع الطلاق بها ونفوذ حكمها.
ومما يدل أيضا على ذلك ما روي عن ابن عباس أنه قال: الطلاق الثلاث على عهد النبي ص وأبي بكر وصدر من أيام عمر طلقة واحد، فقال عمر: لقد تعجلتم أمرا كان لكم فيه أناة. وألزمهم الثلاث.
المسألة الرابعة والستون والمائة:
وإن قال لا ربع نسوة له: إحداكن طالق، فالاحتياط أن يطلق كل واحدة منهن ثم يراجعهن. عندنا أنه إذا لم يعين الطلاق في واحدة من نسائه حتى تتميز من غيرها، لم يقع الطلاق.