وأصحابه وبين أبو حنيفة عن حقيقة مذهبه بأن قال: إن كفارة الظهار لا تستقر في الذمة بحال ولكن قيل للمظاهر إذا أردت أن تدفع التحريم وتستبيح الوطي فكفر وإن لم ترد أن تطأ فلا تكفر، فإن وطء ثم لم يكفر يلزمه الكفارة و لكن يقال له عند الوطء الثاني مثل ذلك وجرى ذلك مجرى قولهم إذا أردت أن تصلي تطوعا صحة لأن الطهارة شرط في استباحة صحة الصلاة من غير أن تكون واجبة عليهم. كذلك قيل إذا أردت أن تستبيح الوطء الذي حرمته بالظهار فقدم العتق، ليس لأن العتق يجب في ذمته، استباح الوطء أو لم يستبحه. وقال الشافعي: العود هو أن يمسكها زوجة بعد الظهار مع قدرته على الطلاق. وذهب مالك وأحمد إلى أن العود هو العزم على الوطء وذهب الحسن وطاووس والزهري إلى أن العود هو الوطء. وذهب داود إلى: أن العود هو تكرار لفظ الظهار. وذهب مجاهد إلى أن الكفارة يجب بمجرد الظهار ولا يعتبر العود.
والدليل على بطلان قول مجاهد: إن الله تعالى جعل العود شرطا في وجوب الكفارة فقال تعالى: والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة. بشرط العود فمن أسقطه، أسقط نصف الآية.
وأما الذي يبطل مذهب مالك وأحمد في أن العود هو العزم على الوطء فهو أن موجب الظهار هو تحريم الوطء لا تحريم الغريمة. ويجب أن يكون العود هو الاستباحة ولا يكون العود هو الغريمة على أن الغريمة لا تأثير لها في سائر الأصول ولا تتعلق بها الأحكام ولا وجوب الكفارات، ولأن النبي ص قال: إن الله تعالى عفا لأمتي عما حدثت به نفوسها ما لم يتكلموا به ويعملوا به.
وأما الذي يدل على فساد قول من ذهب إلى أن العود هو الوطء فهو ظاهر الكتاب. لأن الله تعالى قال: فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا. فلو كان العود هو الوطء، لما أمر باخراج الكفارة قبله.
فأما الذي بطل مذهب الشافعي في أن العود هو إمساكها على النكاح فهو أن الظهار لا يوجب تحريم العقد وترك الفرقة وإمساك المرأة، فيكون العود هو إمساكها على النكاح لأن العود إنما يقتضي الرجوع إلى أمر مخالف يوجب الظهار فدل ذلك على أن العود