فقد قال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه مسألة: الأخرس إذا كان له إشارة معقولة أو كناية مفهومة يصح قذفه ولعانه ونكاحه وطلاقه ويمينه وسائر عقوده، ثم استدل فقال: دليلنا قوله تعالى: والذين يرمون أزواجهم، الآية ولم يفرق، وأيضا إجماع الفرقة وأخبارهم على ذلك، هذا آخر كلامه. ولا أقدم على أن الأخرس. المذكور يصح لعانه لأن أحدا من أصحابنا غير من ذكرناه لم يوردها في كتابه ولا وقفت على خبر بذلك ولا إجماع عليه والقائل بهذا غير معلوم، فأما الآية التي استشهد شيخنا بها فالتمسك بها بعيد، لأنه لا خلاف أنه غير قاذف ولا رام على الحقيقة فالنطق منه بالشهادات في حال اللعان متعذر والأصل براءة الذمة واللعان حكم شرعي يحتاج في إثباته إلى دليل شرعي وأيضا لو رجع عن اللعان عند من جوزه له وجب عليه الحد والرسول ع قال: إدرأوا الحدود بالشبهات ومن المعلوم أن في إيمائه وإشارته بالقذف شبهة هل أراد به القذف أو غيره وذلك غير معلوم يقينا كالناطق بلا خلاف، وإن قلنا: يصح منه اللعان، كان قويا معتمدا لأنه يصح منه الإقرار والأيمان وأداء الشهادات وغير ذلك من الأحكام.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وإذا طلق الرجل امرأته قبل الدخول بها فادعت عليه أنها حامل منه، فإن أقامت البينة أنه أرخى سترا أو خلا بها ثم أنكر الولد لاعنها ثم بانت منه وعليه المهر كملا، وإن لم تقم بذلك بينة كان عليه نصف المهر ووجب عليها مائة سوط بعد أن يحلف بالله أنه ما دخل بها.
قال محمد بن إدريس مصنف هذا الكتاب: ما ذكره رحمه الله ذهابا إلى قول من يذهب إلى أن الخلوة بمنزلة الدخول، والأظهر والأصح عند المحصلين من أصحابنا أن الخلوة وإرخاء الستر لا تأثير لهما والقول قول الزوج ولا يلزمه سوى نصف المهر ولا لعان بينهما، وإلى هذا يذهب شيخنا في مسائل خلافه في الجزء الثاني في كتاب الصداق فقال مسألة: إذا طلقها بعد أن خلا بها وقبل أن يمسها اختلف الناس فيه على ثلاثة مذاهب: فذهبت طائفة إلى أن وجود الخلوة وعدمها سواء وترجع عليه بنصف الصداق ولا عدة عليها، وهو الظاهر من روايات أصحابنا. ثم استدل بأدلة ظاهرة قوية على صحة ذلك وقد أوردنا نحن ذلك في كتابنا هذا في كتاب الصداق وجنحنا القول في ذلك.