الآدميين دليلنا ما تقدم من أن ذلك من حقوق الآدميين، فإذا ثبت ذلك فكل من قال بذلك قال بهذا ولم يفرق، هذا آخر المسألة.
وقال أيضا مسألة، إذا لاعن الزوج تعلق بلعانه سقوط الحد عنه وانتفاء النسب وزوال الفراش وحرمت المرأة على التأبيد ويجب على المرأة الحد، ولعان المرأة لا يتعلق به أكثر من سقوط حد الزنى عنها وحكم الحاكم لا تأثير له في إلحاق شئ من هذه الأحكام، فإذا حكم بالفرقة فإنما تنفذ الفرقة التي كانت وقعت بلعان الزوج لا أنه يبتدئ إيقاع فرقة وبهذا قال الشافعي، وذهبت طائفة: إلى أن هذه الأحكام تتعلق بلعان الزوجين معا فما لم يوجد اللعان بينهما لم يثبت شئ منها، ذهب إليه مالك وأحمد وداود وهو الذي يقتضيه مذهبنا، ثم استدل فقال: دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم فإنها دالة على ما قلناه وروى ابن عباس أن النبي ع قال: المتلاعنان لا يجتمعان أبدا.
هذا آخر استدلاله في مسألته رحمه الله وهذا مثل ما ذكره في مبسوطه، وأيضا الرواية التي أوردها في نهايته مخالفة لأصول المذهب وقد بينا أن أخبار الآحاد لا يعمل بها لأنها لا توجب علما ولا عملا، وأيضا فإن الله تعالى قال: والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم قال: ويدروا عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات، وما قال أن يشهد وليها فعلق تعالى الأحكام بشهادته وشهادتها، فمن قال: يقوم غيرها مقامها، يحتاج إلى دليل وأيضا فعندنا أنها أيمان وليست شهادات لقول الرسول ع: لولا الأيمان لكان لي ولها شأن، فسمي اللعان يمينا والأيمان عندنا لا يدخلها النيابة بغير خلاف، فكيف يحلف وليها عنها؟
وقال في التبيان: وفرقة اللعان تحصل عندنا بتمام اللعان من غير حكم الحاكم وتمام اللعان إنما يكون إذا تلاعن الرجل والمرأة معا، وقال قوم: تحصل بلعان الزوج الفرقة، وقال أهل العراق:
لا تقع الفرقة إلا بتفريق الحاكم بينهما ومتى رجمت عند النكول ورثها الزوج لأن زناها لا يوجب التفرقة بينهما وإذا جلدت إذا لم يكن دخل بها فهما على الزوجية، وذلك يدل على أن الفرقة، إنما تقع بلعان الرجل والمرأة معا، هذا آخر كلامه في التبيان لتفسير القرآن.