حتى تضع الثاني منهما. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه ومالك والشافعي وعامة أهل العلم، وقال عكرمة: تنقضي عدتها بوضع الأول، وقد روى أصحابنا: أنها تبين بوضع الأول غير أنها لا تحل للأزواج حتى تضع الثاني، والمعتمد الأول دليلنا قوله تعالى: وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن، وهذه ما وضعت حملها، هذا آخر كلامه رحمه الله. وقد ذهب بعض أصحابنا إلى: أن الحامل عدتها أقرب الأجلين، من جملتهم ابن بابويه ومعنى ذلك أنها إن مرت بها ثلاثة أشهر فقد انقضت عدتها ولا تحل للأزواج حتى تضع ما في بطنها وإن وضعت الحمل بعد طلاقه بلا فصل بانت منه وحلت للأزواج، وهذا المذهب في العجب كالأول والصحيح من الأقوال والأظهر بين الطائفة أن عدتها بوضع الحمل يعضد ذلك قوله تعالى: وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن.
وإذا أراد الرجل طلاق زوجته وهو غائب عنها فإن خرج إلى السفر وقد كانت طاهرا طهرا لم يقربها فيه بجماع جاز له أن يطلقها أي وقت شاء، ومتى كانت طاهرا طهرا قد قربها فيه بجماع فلا يطلقها حتى يمضى زمان يعرف من حالها أنها حاضت وطهرت فيه، وذلك بحسب ما يعرف من عادتها في حيضها إما شهر أو شهران أو ثلاثة أشهر.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: فلا يطلقها حتى يمضى ما بين شهر إلى ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر ثم يطلقها بعد ذلك أي وقت شاء، إلا أنه رحمه الله حرر ما أجمله في كتابه الاستبصار في الجزء الثالث فقال في باب طلاق الغائب لما أورد الأخبار واختلف في التحديد فقال: الوجه في الجمع بين هذين الخبرين والخبر الأول أن نقول: الحكم يختلف باختلاف عادة النساء في الحيض فمن علم من حال امرأته أنها تحيض في كل شهر حيضة يجوز له أن يطلق بعد انقضاء الشهر، ومن يعلم أنها لا تحيض إلا كل ثلاثة أشهر أو خمسة أشهر لم يجز له أن يطلقها إلا بعد مضى هذه المدة، فكان المراعي في جواز ذلك مضى حيضة وانتقالها إلى طهر لم يقربها فيه بجماع ولك يختلف على ما قلناه، هذا آخر كلامه رحمه الله في باب طلاق الغائب في الاستبصار ونعم ما قال وحرر وأوضح المسألة تغمده الله برحمته وحشره مع أئمته.
فإن قيل: إذا مضى ثلاثة أشهر بيض فلا حاجة بنا في الاستبراء إلى أكثر منها لأن بها تخرج