عظمته: قرآنا عربيا غير ذي عوج، وقال تعالى: وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ثم قال سبحانه في آية الطلاق: الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، فكانت الثالثة في قوله عز وجل: أو تسريح بإحسان، على قول ابن عباس. أو في قوله تعالى: فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره، فوجدنا المطلق إذا قال لامرأته: أنت طالق، أتى بلفظ واحد يتضمن تطليقة واحدة وإذا قال لها عقيب هذا اللفظ: ثلاثا، لم يخل من أن تكون إشارة به إلى طلاق وقع فيما سلف ثلاث مرات أو إلى طلاق يكون في المستقبل ثلاثا أو إلى الحال. فإن كان أخبر عن الماضي فلم يقع الطلاق إذن باللفظ الذي أورده في الحال وإنما أخبر عن أمر كان، وإن كان أخبر عن المستقبل فيجب أن لا يقع بها طلاق حتى يأتي الوقت ثم يطلقها ثلاثا على مفهوم اللفظ والكلام. وليس هذان القسمان مما جرى الحكم عليهما ولا تضمنهما المقال، فلم يبق إلا أنه أخبر عن الحال وذلك كذب ولغو بلا إشكال لأن الواحدة لا تكون أبدا ثلاثا، فلأجل ذلك حكمنا عليه بتطليقة واحدة من حيث تضمنه اللفظ الذي أورده وأسقطنا ما لغا فيه واطرحناه إذا كان على مفهوم اللغة التي نطق بها القرآن فاسدا وكان مضاددا لأحكام الكتاب.
وأما السنة فإن النبي ص قال: كل ما لم يكن على أمرنا هذا فهو رد، وقال عليه السلام: ما وافق الكتاب فخذوه وما خالفه فاطرحوه. وقد بينا أن المرة لا تكون مرتين وأن الواحدة لا تكون ثلاثا فأوجبت السنة إبطال طلاق الثلاث.
وأما إجماع الأمة فإنهم مطبقون على أن كل ما خالف القرآن والسنة فهو باطل وقد تقدم وصف خلاف الطلاق الثلاث للقرآن والسنة فحصل الاجماع على إبطاله.
وأما قول أمير المؤمنين ع: فإنه قد تظاهر عنه الخبر المستفيض أنه قال: إياكم والمطلقات ثلاثا في مجلس واحد فإنهن ذوات أزواج.
وأما قول ابن عباس رحمه الله فإنه كان يقول: ألا تعجبون من قوم يحلون المرأة لرجل واحد وهي تحرم عليه ويحرمونها على آخر وهي حلال له فقالوا له: يا بن عباس ومن هؤلاء القوم فقال: هم الذين يقولون للمطلق ثلاثا في مجلس واحد: قد حرمت عليك امرأتك