بالعقد الذي بينه وبينها من النكاح، ثم قال تعالى: والصلح خير، ومعناه الصلح بترك بعض الحق استدامة للخدمة وتمسكا بعقد النكاح خير من طلب الفرقة، وقال بعض المفسرين: الصلح خير من النشوز والإعراض، والأول أشبه.
هذا إذا كان بطيبة من نفسها، فإن لم يكن كذلك فلا يجوز له إلا ما يسوع في الشرع من القيام بالكسوة والنفقة والقسمة وألا يطلق، ونحو هذه الجملة روى مخالفونا عن علي ع وعن عمر وابن عباس وعائشة وابن جبير وجماعة.
وقال ابن عباس: خشيت سودة بنت زمعة أن يطلقها رسول الله ص قالت: لا تطلقني وأجلسني مع نسائك ولا تقسم لي فنزلت: وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا، قال أبو جعفر ع: هي بنت محمد بن مسلمة فتزوج عليها شابة فأثر الشابة عليها فأبت الأولى أن تقر على ذلك فطلقها تطليقة حتى إذا بقي من أجلها يسيرا، قال: إن شئت راجعتك وصبرت على الأثرة وإن شئت تركتك حتى يخلو أجلك، ثم طلقها الثانية وفعل بها مثل ما فعله أولا، فقالت بل: راجعني وأصبر على الأثرة، فراجعها فذلك الصلح الذي بلغنا أنزل الله فيه: وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا.
وأحضرت الأنفس الشح أي أحضرت أنفس كل واحد من الرجل والمرأة الشح بحقه قبل صاحبه فشح المرأة بترك حقها من النفقة والكسوة والقسمة وغير ذلك، وشح الرجل إنفاقه على التي لا يريدها.
وإن قيل: وإن امرأة ليس فيه أن الرجل نشز على امرأة والخوف ليس معه يقين، قلنا عنه جوابان: أحدهما: أن الخوف في الآية بمعنى العلم، تقديره وإن امرأة علمت، والثاني:
أنها لا تخاف النشوز من الرجل إلا وقد بدا منه ما يدل على النشوز والإعراض من أمارات ذلك.
ثم نفى الله أن يقدر أحد على التسوية بين النساء في حبهن لأن ذلك تابع لما فيه من الشهوة وميل الطبع وذلك من فعل الله، وليس بذلك نفي القدرة عن التسوية والنفقة والكسوة.
ثم قال: وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته، المعنى أن الزوجين اللذين تقدم ذكرهما