فأما من طلق من تحيض حيضا مستقيما فعدتها ثلاثة أطهار، لقوله تعالى: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء، وإنما أطلق سبحانه الكلام ههنا إطلاقا ولم يقيد لأن الأغلب في العادة أن تكون المرأة مستقيمة الحيض وما سوى هذه الحالة يكون نادرا، وإذا طلقها وهي حامل فعدتها أن تضع حملها، لقوله تعالى: وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن، والآيسة من المحيض وفي سنها من تحيض والتي لا تحيض وفي سنها من تحيض فعدة كل واحدة منهما إذا كانت حرة ثلاثة أشهر إذا طلقها زوجها، وقد بينا حكمهما من قبل يدل عليه قوله: واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم، الآية.
والحرة إذا كانت تحت مملوك فعدتها مثل عدتها إذا كانت تحت حر لا يختلف الحكم فيه، لأن الله تعالى لم يفصل في كتابه بين الحالتين، والأمة إذا كانت تحت حر وطلقها فعدتها قرآن إن كانت ممن تحيض، وإن كانت لا تحيض ومثلها تحيض فعدتها خمسة وأربعون يوما، واستدل عليه بعض المفسرين بقوله: فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب، وقال: هذا على العموم، هذا كله إذا كانت الحرة والأمة مدخولا بهما.
والأمة إذا كانت أم ولد وتوفي عنها زوجها فعدتها مثل عدة الحرة، وإن كانت مملوكة ليست أم ولد فعدتها شهران وخمسة أيام، والتي لم يدخل بها إذا مات عنها الزوج فعدتها أربعة أشهر وعشرا لعموم قوله تعالى: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا، ويجب على ورثته أن يعطوها المهر كملا، ويستحب لها أن تترك نصف المهر وإن لم تفعل كان لها المهر كله.
باب كيفية الطلاق الثلاث وحكم المراجعة والتراجع والعضل:
قوله تعالى: الطلاق مرتان، يدل على صحة قولنا: الطلاق الثلاث لا يقع بلفظ واحدة فإنه تعالى لم يرد بذلك الخبر لأنه لو أراده لكان كذبا وإنما أراد الأمر فكأنه تعالى قال: طلقوهن مرتين، ويجري مجرى قوله: ومن دخله كان آمنا، والمراد يجب أن تؤمنوه، والمرتان لا تكون إلا واحدة بعد واحدة، ومن جمع الطلاقين في كلمة واحدة لا يكون مطلقا مرتين كما أن من