لهم بقوله تعالى: وإذا طلقتم النساء، فكأنه قال: لا تعضلوهن بأن تراجعوهن عند قرب انقضاء عدتهن ولا رغبة لكم فيهن وإنما تريدون الإضرار بهن فإن ذلك مما لا يسوع في الدين والشرع كما قال في الأولى: ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا.
ولا يطعن على ذلك بقوله: أن ينكحن أزواجهن، لأن المعنى فيه من يصير أزواجهن كما أنهم لا بد لهم من ذلك إذا حملوا على الزوج الأول لأن بعد انقضاء العدة لا يكون زوجا، ويكون المراد من كان أزواجهن فما لهم إلا مثل ما عليهم، ويجوز أن يحمل العضل في الآية على الجبر والحيلولة بينهن وبين التزويج دون ما يتعلق بالولاية لأن العضل هو الحبس والمنع والضيق، وهذا الوجه حسن وتقدير أن ينكحن من أن ينكحن فمحل فمحل " أن " جر عند الخليل ونصب عند سيبويه.
وإنما قال " ذلك " ولم يقل ذلكم كما تقدم من قوله " طلقتم " لأن تقديره ذلك يا محمد أو يا أيها القبيل. " يوعظ به من كان يؤمن "، وإنما خص المؤمن بالوعظ لأنه ينتفع به فنسب إليه كما قال: هدى للمتقين، ولأنه أولى بالاتعاظ.
فصل:
قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما أتيتموهن، اختلفوا في معنى ذلك فقال الزهري والجبائي وغيرهما: هو أن يحبس الرجل المرأة عنده لا حاجة له إليها وينتظر موتها حتى يرثها فنهى الله عن ذلك وهو المروي عن أبي جعفر ع، وقال الحسن ومجاهد: معناه ما كان يعمله أهل الجاهلية من أن الرجل إذا مات وترك امرأته قال ابنه من غيرها أو وليه ورثت امرأته كما ورثت ماله فألقى عليها رداءه أنها امرأته على العقد الذي كان مع أبيها ولا يعطيها شيئا وإن شاء زوجها وأخذ صداقها، روى ذلك أبو الجارود عن الباقر ع قال أبو مجلز: ثم كان هو بالميراث أولى بها من ولي نفسها.
أما قوله تعالى: فلا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن، قيل في من عني بهذا النهي أربعة أقوال: