خافا لأمرين: أحدهما: أن يكون الصرف من الغيبة إلى الخطاب كما قال: الحمد لله ثم قال:
إياك نعبد، وقال: ما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون، والآخر يكون الخطاب في قوله: فإن خفتم، مصروفا إلى الولاة والفقهاء الذين يقومون بأمور الكافة.
فإن قيل: كيف قال: فلا جناح عليهما، وإنما الإباحة لأخذ الفدية؟، قيل: لأنه لو خص بالذكر لأوهم أنها عاصية، فإن كانت الفدية له جائزة فبين الإذن لهما لئلا يوهم أنه كالربا المحرم على الأخذ والمعطى.
وذكر الفراء أنه كقوله تعالى: يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان، وإنما هو من الملح دون العذب مجاز للاتساع، وهذا هو الذي يليق بمذهبنا لأن الذي يبيح الخلع عندنا هو ما لولاه لكانت المرأة به عاصية فهما اشتركا في أن لا يكون عليهما جناح إذا كانت تعطي ما قد نفى عن الزوج فيه الإثم فاشتركت فيه لأنها إذا أعطت ما يطرح الإثم احتاجت هي إلى مثل ذلك أي أنها نفت عن نفسها الإثم بأن افتدت، لأنها لو أقامت على النشوز والإضرار لأثمت وكان عليها في النشوز جناح فخرجت عنه بالافتداء.
وأما المباراة فهي أن تكون الكراهية من جهة الرجل والمرأة معا من كل واحد منهما لصاحبه ولم يختص ذلك واحد منهما، فمتى عرفا ذلك من حالهما أو قالت المرأة لزوجها: أنا أكره المقام معك وأنت تكره المقام معي أيضا فباريني، أو يقول الرجل مثل ذلك على أن تعطيني كيت وكيت ويكون ذلك دون المهر، فإذا بذلت ذلك من نفسها طلقها حينئذ تطليقة وتكون بائنة على ما ذكرناه، لأن المباراة ضرب من الخلع والفرق بينهما ما ذكرناه والآية تدل عليهما.
والخلع بالفدية على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن تكون المرأة عجوزا ودميمة فيضار بها لتفتدي به نفسها فهذا لا يحل له الفداء، لقوله: وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج، الآية.
الثاني: أن يرى الرجل امرأته على فاحشة فيضار بها لتفتدي في خلعها فهذا يجوز وهو معنى قوله: ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، الوجه الثالث: أن يخافا ألا يقيما حدود الله لسوء خلق أو قلة نفقة من غير ظلم أو