والتوبيخ.
باب ما يجب على المرأة في عدتها:
نستدل أولا على أن عدة الحامل وضعها ثم نشرع في ذكره:
إن قيل: ما حجتكم على أن عدة المطلقة إذا كانت حاملا هي وضعها الحمل دون الأقراء، فإن احتججتم بقوله: وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن، عورضتم بعموم قوله: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء؟
الجواب عنه: أنه لا خلاف بين العلماء في أن آية وضع الحمل عامة في المطلقة وغيرها وأنها ناسخة لما تقدمها، ومما يكشف عن ذلك أن قوله: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن، إنما هو في عدة غير الحامل، فإن من استبان حملها لا يقال فيها: لا يحل لها أن تكتم ما خلق الله في رحمها، وإذا كانت هذه خاصة في غير الحوامل لم يعارض آية الوضع وهي عامة في كل حامل من مطلقة وغيرها.
وقيل في معنى قوله تعالى: ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن، ثلاثة أقوال:
أحدها قال إبراهيم: الحيض وثانيها قال: قتادة الحبل وثالثها قال ابن عمر: هو الحبل والحيض، وبه قال الحسن وهو الأقوى لأنه أعم، وإنما لم يحل لهن الكتمان لظلم الزوج بمنعه المراجعة في قول ابن عباس، وقال قتادة: لنسبة الولد إلى غير والده كفعل الجاهلية.
ثم شرط بقوله: إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر، أي من كانت مؤمنة فهذه صفتها لا أنه يلزم المؤمنة دون غيرها. وخرج ذلك مخرج التهديد، ثم قال: وبعولتهن أحق بردهن، يعني أزواجهن أحق برجعتهن وذلك يختص الرجعيات وإن كان أول الآية عاما في جميع المطلقات، الرجعية والبائنة، ويسمى الزوج بعلا لأنه عال على المرأة بملكه لزوجيتها.
وقوله تعالى: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف، قال الضحاك: لهن من حسن العشرة المعروف على أزواجهن مثل ما عليهن من الطاعة فيما أوجبه عليهن لهم، وقال ابن عباس:
لهن على أزواجهن من التصنيع والبر بهن مثل ما لأزواجهن عليهن وقال الطبري: على أزواجهن ترك مضارتهن كما أن ذلك عليهن لأزواجهن.