فصل:
وقوله تعالى: ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا، معناه لا تراجعونهن لا لرغبة فيهن بل لطلب الإضرار بهن، أما في تطويل العدة أو طلب المعاداة أو غير ذلك فإنه غير جائز، ويجوز أن يكون المراد بالمضارة التضييق عليها في العدة في النفقة والمسكن، كما قال: أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن، ومن يفعل ذلك، أي المراجعة للضرر، فقد ظلم نفسه، فالإشارة إلى الإمساك ضرارا.
ولا تتخذوا آيات الله هزوا: يعني ما ذكره من الأحكام في النكاح والطلاق مما يجوز فيه المراجعة وما لهم على النساء من التربص حتى يفيئوا أو يوقعوه مما ليس لهم وغير ذلك، أي لا يتركوا العمل بحدود الله فيكونوا مقصرين كما يقول للرجل الذي لا يقوم بما يكلفه ويتوانى فيه: إنما أنت لاعب.
وروي عن أبي الدرداء وأبي موسى: كان الرجل يطلق أو يعتق ثم يقول: إنما كنت لاعبا، فأعلم الله أن فرائضه لا يجوز اللعب فيها، ولذلك قال النبي ص:
من طلق لاعبا أو أعتق لاعبا فقد جاز عليه لأن الحاكم يجب عليه الحكم على ظاهر الشرع إذا شهد البينة، والأولى أن يكون المراد لا تستخفوا بآيات الله وفروضه ولا تتخذوا آيات الله هزوا، أي ذات استهزاء بها، وهذا توكيد كأنه قال: اعملوا عليها ولا تستهينوا بها.
فصل:
ثم قال تعالى: وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف، قال قتادة والحسن: إن هذه الآية نزلت في معقل بن يسار حين عضل أخته أن ترجع إلى الزوج الأول، فإنه كان طلقها وخرجت من العدة ثم أرادا أن يجتمعا بعقد آخر على نكاح آخر فمنعه من ذلك فنزلت الآية فيه، وقال أسدي: نزلت في جابر بن عبد الله عضل بنت عم له.
والوجهان لا يصحان على مذهبنا لأن عندنا أنه لا ولاية للأخ ولا لابن العم عليها وإنما هي ولية نفسها فلا تأثير لعضلهما، والوجه في ذلك أن تحمل الآية على المطلقين لأنه خطاب