أعطى درهمين مرة واحدة لم يعطها مرتين.
فإن قيل: العدد إذا ذكر عقيب الاسم لم يقتض التفريق، مثاله إذا قال: له على مائة درهم مرتان، وإذا ذكر العدد عقيب فعل اقتضى التفريق، مثاله: إذا دخل الدار مرتين فضربه ضربتين، والعدد في الآية عقيب اسم لا فعل، قلنا: قد بينا أن قوله: الطلاق مرتان، معناه طلقوا مرتين والعدد عقيب فعل لا اسم صريح.
فإن قيل: إذا كان الثلاث لا تقع فأي معنى لقوله تعالى: لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا، وإنما المراد أنك إذا خالفت السنة في الطلاق وجمعت بين الثلاث وتعديت ما حده الله تعالى لم تأمن أن تتوق نفسك إلى المراجعة فلا تتمكن منها، قلنا: قوله: لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا، مجمل غير مبين، فمن أين أنه أراد ما ذكرتم والظاهر غير دال على ما هو الأمر الذي يحدثه الله؟ والأشبه بالظاهر أن يكون ذلك الأمر الذي يحدثه الله متعلقا بقوله: ومن يتعد حدود الله، لأنه قال: تلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا، فيشبه أن يكون المراد لا تدري ما يحدثه الله من عقاب يعجله الله في الدنيا على من تعدى حدوده وهذا أشبه مما ذكروه، وأقل الأحوال أن يكون الكلام يحتمله فسقط تعلقهم، وقيل: يتعلق قوله: لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا، بالنهي عن إخراجهن من بيوتهن لعله يبدو له في المراجعة وهذا أيضا يحتمل، فمن أين أن المراد ما ذكره؟
فصل:
وأبان سبحانه بقوله: الطلاق مرتان، عدد الطلاق لأنه كان في صدر الاسلام بغير عدد قال قتادة: كان الرجل يطلق امرأته في صدر الاسلام ما شاء من واحدة إلى عشر ويراجعها في العدة فنزل قوله تعالى: الطلاق مرتان، يعني طلقتين.
فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، فبين أن عدد الطلاق ثلاثة، فقوله: مرتان إخبار عن طلقتين بلا خلاف واختلفوا في الثالثة: فقال ابن عباس: أو تسريح بإحسان، الطلقة الثالثة وقال غيره: فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره، التطليقة الثالثة،