أخطأوا في تشخيصهم، والحاصل أن ما جعل ميزانا لتشخيص صيد البحر وامتيازه و فصله عن صيد البر إنما هو فيما لا يكون مشخصا ومميزا عند العرف، وأنه داخل في أي صنف من الصيد البري أو البحري، فعند ذا يقال: إن كان يبيض في البحر فهو من مصاديق صيد البحر وإن كان يبيض في البر فهو من مصاديق صيد البر، وأما إذا كان معلوما عندهم من جهة المصداق ويراه العرف مثلا داخلا في صيد البر أو البحر فلا حاجة إلى اعمال الميزان المجعول للتشخيص في صورة الشك والشبهة.
بقي هنا فرعان ينبغي الإشارة إليهما لتكميل البحث في المقام الأول لو كان حيوان له صنفان، صنف يعيش في الماء، وصنف يعيش في البر كالسلحفاة فلكل صنف حكمه الخاص به، فما يعيش في البر بري يحرم صيده وقتله وما في البحر فبحري يجوز صيده كالكلب البري البحري.
الثاني لو شك في فرد من الحيوان أنه من صيد البحر أو من صيد البر، ولم يعلم دخوله في أي صنف من الصيد لشبهة في المصداق لا الحكم والعنوان، كما إذا رأى صيدا من بعيد ولم يعلم أنه بحري أو بري، فإن قلنا: بجواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، يتمسك بعموم حرم عليكم صيد البر ويشمله أيضا عموم أحل لكم صيد البحر، فيتصادقان في مورد واحد ويغلب جانب الحرمة فيحكم بحرمة قتله وأكله، ولكن المتأخرين لا يجوزون التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، كما هو الأقوى، وعليه فيحكم بعدم حرمته للأصل، لأنه شك في التكليف، ولقوله عليه السلام كل شئ فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه هذا فيما إذا كان الشك من جهة المصداق والموضوع، مع العلم بأنه إما مصداق لصيد البر، أو مصداق للصيد البحري، المعلوم حكمهما لا أنه مصداق لثالث مغاير حكمه لحكمها.
وما لو كان الشك من جهة صدق عنوان البري والبحري مع صدق الصيد عليه، بمعنى أنه يشمله الصيد ولكن لا يصدق ولا يطلق عليه البحري فقط، ولا البري