نجاسات، ومنهم من قال: يوجب نزح الجميع من تسع نجاسات، ومنهم من قال: يوجب نزح جميعها من عشر نجاسات والصحيح الأول، لأنه متفق عليه، وما عداه داخل في قسم ما لم يرد به نص، وسيأتي بيانه بعون الله سبحانه.
فالمتفق عليه الخمر، من قليله وكثيره، وكل مسكر، والفقاع، والمني، من سائر الحيوانات مأكول اللحم وغير مأكول اللحم، ودم الحيض، والاستحاضة، والنفاس، والبعير إذا مات فيه، سواء كان ذكرا أو أنثى، لأن البعير اسم جنس، فإذا أردت الذكر قلت جمل، وإذا أردت الأنثى قلت ناقة، كما أن الإنسان اسم جنس يدخل تحته الذكران والإناث، فإذا أردت ذكر قلت الرجل، وإذا أردت الأنثى قلت المرأة.
فإن تعذر ذلك بأن يكون الماء كثيرا غزيرا، لا يمكن نزح جميعه، تراوح على نزحها أربعة رجال من أول النهار إلى آخره، وأول النهار حين يحرم على الصائم الأكل والشرب، وآخره حين يحل له الإفطار، وقد يوجد في كتب بعض أصحابنا من الغدوة إلى العشية، وليس في ذلك ما ينافي ما ذكرناه، لأن أول الغدوة أول النهار، لأن الغدوة والغداة عبارة عن أول النهار بغير خلاف بين أهل اللغة العربية.
وكيفية التراوح: أن يستقي اثنان بدلو واحد، يتجاذبانه إلى أن يتعبا، فإذا تعبا قام الاثنان، إلى الاستقاء، وقعد هذان يستريحان إلى أن يتعب القائمان، فإذا تعبا قعدا وقاما هذان واستراح الآخران، هكذا.
فأما إن تغير أحد أوصاف الماء بنجاسة، فإن كانت النجاسة منصوصة على ما ينزح منها، فإن كانت مما ينزح منها الجميع، فيجب نزح الجميع ولا كلام، فإن تعذر النزح للغزارة، فالتراوح يوما من أوله إلى آخره، على ما مضى شرحه وبيانه، فإن زال التغير، فذاك المقصود وقد طهر الماء، وإن لم يزل التغير من نزح اليوم، فيجب أن ينزح إلى أن يزول التغير، ولا يتقدر ذلك بمدة، بل بزوال التغير سواء كان في مدة قليلة أو كثيرة.