وربما أطلق القول وذهب في بعض كتبه (1) شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله إلى نجاسة ذرق الدجاج، سواء كان جلالا أو لم يكن، لأن استثناءه من مأكول اللحم يفيد ذلك، ويعلم منه، إلا أنه رجع في استبصاره (2) ومبسوطه، فقال في مبسوطه في آخر كتاب الصيد والذبايح: فأما الهازبي وهو السمك الصغير الذي يقلى، (ولا يقلى) ما في جوفه من الرجيع، فعندنا يجوز أكله، لأن رجيع ما يؤكل لحمه ليس بنجس عندنا (3).
وقال أيضا في مبسوطه في كتاب الأطعمة: (الجلالة البهيمة) التي تأكل العذرة، كالناقة والبقرة والشاة والدجاجة، فإن كان هذا أكثر علفها، كره أكل لحمها، بلا خلاف بين الفقهاء، وقال قوم من أصحاب الحديث: هو حرام، والأول مذهبنا، هذا آخر كلامه رحمه الله (4) فالحظه بالعين الصحيحة.
فأما ما يوجد في بعض الكتب لبعض أصحابنا وهو قوله: ومتى وقع في البئر ماء خالطه شئ من النجاسات كماء المطر والبالوعة وغير ذلك، نزح منها أربعون دلوا للخبر (5)، فإنه قول غير واضح ولا محكك، بل يعتبر النجاسة المخالطة للماء الواقع في ماء البئر، فإن كانت منصوصا عليها، أخرج المنصوص عليها، وإن كانت النجاسة غير منصوص عليها فتدخل في قسم ما لم يرد به نص معين بالنزح، فالصحيح من المذهب والأقوال الذي يعضده الإجماع والنظر والاعتبار والاحتياط للديانات عند الأئمة الأطهار، نزح جميع ماء البئر، فإن تعذر، فالتراوح على ما شرحنا له.