والمضيق هو الذي لا بدل له يقوم مقامه فغسل الجنابة من الواجبات الموسعات واتقضى من تلك الالزامات، وأتخلص من تيك الشناعات، كما أن الصلاة بعد دخول وقتها وقبل تضيقه من الواجبات الموسعات، فلمكلفها أن يتركها إذا فعل العزم الذي هو البدل إلى آخر وقتها، غير حرج في ذلك ولا آثم، بغير خلاف عندكم، بل الإجماع منعقد منكم عليه.
قيل له: الذي يفسد هذا الاعتراض، ويدمر على هذا الخيال، أن أول ما نقوله ونقرره ونحرره، إن القياس في الشريعة عند أهل البيت عليهم السلام باطل غير معمول عليه ولا مفروع إليه، ولا خلاف بين شيعتهم المحقين، وعلمائهم المحققين في ذلك، لأدلة ليس هذا موضع ذكرها، فمن أرادها أخذها من مظانها، فإنها في كتب المشيخة محققة واضحة، لولا الأدلة القاهرة وأقوال الأئمة الطاهرة، في تأخير ما صوره السائل من المسائل في الاعتراض، وغير ذلك من الصور، عن أول وقته وإقامة البدل مقامه، لكان داخلا فيما قررناه وحررناه، فأخرجنا منه ما أخرجناه، لأجل الإجماع والأدلة، وبقي ما عداه على ما أصلناه من أن ترك الواجب قبيح، والإخلال بالفرض المتعين لا يجوز، على أن بعض أصحابنا وهو شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان رحمه الله (1) يذهب إلى أن تارك الصلاة في أول وقتها من غير عذر مخل بواجب، تارك له، معاقب مأثوم، إلا أنه إذا فعله يعفو الله تعالى عن ذنبه تفضلا منه ورحمة، ذكر ذلك في كتبه، وحكاه عنه تلميذه شيخنا السعيد أبو جعفر الطوسي رحمه الله في عدته (2) وربما قواه أبو جعفر في بعض الأوقات، وربما زيفه في وقت آخر.
فإن اعترض معترض وخطر بالبال فقال: قد بقي سؤال، وهو إن كان غسل الجنابة لا يجب، إلا عند دخول وقت الصلاة على ما قررته وشرحته، فما