ما رواه فلان عن فلان، وأورد أخبارا عدة، من طرق الخاصة والعامة وطول في الإيراد نحوا من صفحة، ثم بعد ذلك قال من طريق الاستدلال: وقد سأل بعض أصحابنا الماضين رحمهم الله نفسه في هذا المعنى فقال: إن قال قائل ما معنى وضعكم الجريدة مع الميت في أكفانه، ثم قال: قيل له: ما معنى الدور حول البيت، وتقبيل الحجر، وحلق الرأس، ورمي الجمار؟ فكل ما أجاب به في ذلك فهو جوابنا بعينه في الجريدة. ثم قيل له: إن الذي تعبدنا بغسل الميت، وتكفينه، هو الذي تعبدنا بوضع الجريدة والحنوط معه في أكفانه ولا معنى له غيره، وإلا فلأي معنى أوجب الله تعالى غسل الميت وقد مات وسقطت الفرائض عنه، والطهارة إنما تجب لأداء الفرائض؟ قال السيد المرتضى رحمه الله:
وهذا كلام سديد في موضعه.
ألا ترى أن السيد رحمه الله قد أورد هذا الكلام عن أصحابه إيراد راض به متعجبا منه، ونكتة ذلك والمقصود والمراد، بقوله: الطهارة إنما تراد لأداء الفرائض، فغسل الجنابة طهارة بلا خلاف، فلا يجب إلا لأداء الفرائض.
ثم قال السيد متمما للمسألة: وليس يجب أن يعرف علل العبادات على التعيين، وإن كنا على سبيل الجملة نعلم أنها إنما وجبت أو ندب إليها للمصالح الدينية، وإن كان المخالف يخالف في ورود العبادة بالجريدة فما تقدم مما ذكرناه وغيره مما لم نذكره الأخبار الكثيرة المتظاهرة حجة فيه، وإن طالب بعلة معينة، فلا وجه لمطالبته بذلك، لأن العبادات لا يعرف عللها بعينها.
وذهب شيخنا أبو جعفر الطوسي في مبسوطه قال: وإن ارتمس الجنب في الماء ارتماسة واحدة، أو قعد تحت المجرى، أو وقف تحت المطر أجزاه، ويسقط الترتيب في هذه الموضع، وفي أصحابنا من قال: يترتب حكما (1) هذا آخر كلامه.