فإذا خرج من البيت، عاد، فاستقبله، وصلى عن يمينه ركعتين.
ويستحب له أن يلح بالدعاء، عند الحطيم، فإنه أشرف بقعة على وجه الأرض، والحطيم ما بين الحجر الأسود، وباب الكعبة، وسمي حطيما، لأن ذنوب نبي آدم، تنحطم عنده، على ما روي في الأخبار.
فإذا أراد الخروج من مكة، جاء إلى البيت، فطاف به، أسبوعا، طواف الوداع، سنة مؤكدة، فإن استطاع أن يستلم الحجر، والركن، في كل شوط، فعل، وإن لم يتمكن، فعل ذلك في ابتداء طوافه، وانتهائه، ثم يأتي المستجار، فيصنع عنده، كما صنع يوم قدم مكة، ويتخير لنفسه من الدعاء ما أراد، ثم يستلم الحجر الأسود، ثم يودع البيت، فيقول: اللهم لا تجعله آخر العهد من بيتك، ثم ليأت زمزم، فيشرب من مائها، وبئر زمزم، بئر لا غير، حكها حكم الآبار ينجسها، ما ينجس الآبار، ويطهرها، ما يطهر الآبار، وسميت بهذا الاسم قال أبو الحسن، علي بن الحسين المسعودي، في كتابه المترجم بمروج الذهب ومعادن الجوهر، في التاريخ، وغيره وهو كتاب حسن كثير، الفوائد، وهذا الرجل من مصنفي أصحابنا، معتقد للحق، له كتاب المقالات قال: وقد كانت أسلاف الفرس تقصد البيت الحرام، وتطوف به، تعظيما لجدها إبراهيم، وتمسكا بدينه، وحفظا لأنسابها، وكان آخر من حج منهم، ساسان بن بابك، جد أردشير بن بابك، أول ملوك ساسان كان وأبوهم، الذي يرجعون إليه، كرجوع الملوك المروانية، إلى مروان بن الحكم، وخلفاء العباسين، إلى العباس بن عبد المطلب، فكان ساسان إذا أتى البيت، طاف به، وزمزم على بئر إسماعيل، فقيل: إنما سميت زمزم، لزمزمته عليها، هو وغيره، من فارس، وهذا يدل على كثرة ترادف هذا الفعل منهم، على هذه البئر، وفي ذلك يقول الشاعر على قديم الزمان: