نقضا على من أثبت وجودا آخر للمدركات الحسية سوى هذا الوجود العيني في عالم المواد الجسماني.
وبالجملة فإنما يثبت بادله الوجود العلمي للأشياء الصورية وجود عالم آخر وان لهذه الصور والأشباح وجودا آخر سوى ما يظهر على الحواس الظاهرة وبذلك الوجود ينكشف ويظهر عند القوى الباطنية بل ربما يشاهدها النفس المجردة المنزهة عن مقارنه شئ من هذين الوجودين المستعلية عن مخالطه هذين العالمين بمعونة القوى الباطنية كما يشاهد هذه الأشباح بمعونة القوى الظاهرة وبالجملة يستدل النفس المجردة بادراك القوى الظاهرة على وجود هذا العالم وبادراك القوى الباطنة على ثبوت عالم آخر شبحي مقداري كما يستدل بادراك ذاتها والحقائق العقلية على وجود عالم عقلي خارج عن القسمين عال على الإقليمين لأنا ندرك ما شاهدناه مره من اشخاص هذا العالم بعد انعدامه على الوجه الذي شاهدناه أولا من المقدار والشكل والوضع به ينتصب عند المدرك وبه يتمثل بين يديه بخصوصه وله وجود البتة وليس في هذا العالم بالفرض فوجوده في عالم آخر فذهب أفلاطون والقدماء من الحكماء الكبار وأهل الذوق والكشف من المتألهين إلى أن موجودات ذلك العالم قائمه لا في مكان ولا في جهة بل هو واسطه بين عالم العقل وعالم الحس إذ الموجودات العقلية مجرده عن المادة وتوابعها من الأين والشكل والكم واللون والضوء وأمثالها بالكلية والموجودات الحسنة مغمورة في تلك الاعراض واما الأشباح المثالية الثابتة في هذا العالم فلها نحو تجرد حيث لا يدخل في جهة ولا يحويها مكان ونحو تجسم حيث لها مقادير واشكال.
وخلاصه ما ذكره الشيخ المتأله شهاب الدين السهروردي في حكمه الاشراق لاثبات هذا المطلب ان الابصار ليس بانطباع صوره المرئى في العين (1) على ما هو