الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٢ - الصفحة ٢١٤
في ميزان المعقولات وكثيرا ما يقع الغلط في هذا من جهة الاشتراك اللفظي ومن جهة وضع ما ليس بعله عله فان كون الانسان واجبا من العلة لا يوجب كونه واجبا في نفسه وكذا كونه مفتقرا إلى العلة لا يستلزم كونه إياه مفتقرا إليها فكون نفس الانسان من الغير لا يدل على عدم كون الانسان انسانا عند ارتفاع الغير وانما يدل عليه كون كون الانسان انسانا من الغير.
وكذا الكلام في كون نفس الوجود مجعولا كما اخترناه الا ان المتأخرين عن آخرهم اختاروا مجعولية نفس الماهية وسيرد عليك في هذا المقام ما بلغ اليه قسطنا من عالم المكاشفة ومعدن الاسرار والمشهور من المشائين اختيار الشق الثالث اي كون تأثير المؤثر في موصوفية الماهية بالوجود فقد وجهوا كلامهم بان مقصودهم ان اثر الجاعل امر (1) مجمل يحلله العقل إلى موصوف وصفه واتصاف لذلك الموصوف بتلك الصفة فاثر الجاعل في الانسان مثلا هو مصداق قولنا الانسان موجود وليس اثره بالذات ماهية الانسان وحدها ولا وجوده وحده بل الامر التركيبي المعبر عنه باتصاف الماهية بالوجود والاتصاف بالوجود وإن كان امرا عقليا لكنه من الاعتبارات المطابقة للواقع فيجب ارتباطه إلى سبب وراء اعتبار العقل إياه هو نفس سبب الماهية.
وقد ظهر مما ذكرناه ان التقسيم المذكور منفسخ (2) الضبط لان الموصوفية المترتبة على تأثير الفاعل يمكن ان يؤخذ على أنها معنى غير مستقل في التصور بل هي مرآة ملاحظه الطرفين والمعاني الارتباطية من حيث إنها ارتباطية لا يمكن ان يتعلق بها التفات الذهن إليها واستقلالها في التصور كما أشرنا اليه واما إذا استؤنف الالتفات بان انفسخت عما هي عليها من كونها آله الارتباط وصارت امرا معقولا في نفسه مبائن

(1) اي بسيط نظير الاجمال في علم الله تعالى فأرادوا هذا المعنون البسيط من الاتصاف إشارة إلى الزوجية التحليلية س ره (2) لمكان الاتصاف الغير المستقل الذي هو الغير الملحوظ بالذات ولم يتفطنوا به كما ينادى به قولهم ان الاتصاف أيضا ماهية مع أنه ليس بماهية حقيقة انما هو اتصاف الماهية بالوجود لا غير كما يقال حدوث الشئ انما هو حدوث الشئ وليس بشئ حادث س ره
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»
الفهرست