والأرض ان تزولا ولئن زالتا ان أمسكهما من أحد من بعده وما أشد سخافة وهم من يرى أن حاجه العالم إلى قيوم السماوات والأرض ومن فيهما وما عليهما في حال الحدوث لا في حال البقاء حتى صرح بعض من هؤلاء القائلين بهذا القول جهلا وعنادا ان الباري لو جاز عدمه لما ضر عدمه وجود العالم بعده (1) لتحقق الحدوث باحداثه وهذا غاية الجهل والفساد في الاعتقاد على أن كل عله ذاتية (2) فهي مع معلولها وجودا ودواما كما سنذكره في مباحث العلة والمعلول.
ومن الشواهد في ذلك حراره النار الفائضة من جوهرها أعني صورتها على ما حولها من الأجسام للتسخين وهكذا يفيض من الماء الرطوبة والبلل على الأجسام المجاورة له والرطوبة جوهرية وذاتية للماء كما أن الحرارة للنار كذلك وهكذا يفيض من الشمس النور والضياء على الاجرام الكوكبية والعنصرية لان النور جوهري للشمس والفعل الذاتي لا يتبدل وكذلك يفيض الحياة من النفس على البدن إذ الحياة جوهرية لها وصوره مقومه لذاتها فلا يزال ينشأ منها الحياة على البدن الذي هو جسم ميت في ذاته حي بالنفس ما دام صلوحه لإفاضة الحياة عليه من النفس باقيا (3) فإذا فسد صلوحه لقبول الحياة تخلت ولخراب البدن ارتحلت وكذلك نسبه كل عله ذاتية مع معلولها ويجئ ان نسبه الايجاد إلى المؤلف (4) والمركب كالنباء