شئ آخر ثالث مع العلة والأولوية ثم مع انضمامه لو لم يحصل الوجوب بل كان بحسبه جواز الطرفين فلم يقف الحاجة إلى المرجح لأحدهما وهكذا حتى ينتهى الامر إلى مرجحات وأولويات غير متناهية ولا يكون مع ذلك قد حصل تعين أحد الطرفين إذ كل مرتبه فرضت من المراتب الغير المتناهية يأتي الكلام في استواء نسبه الأولوية المتحققة فيها الغير الموجبة إلى الجانبين بحاله مع فرض حصول ما فرض سببا مرجحا فاستواء نسبه هذه الأولوية إلى طرفي الفعلية واللا فعليه مع تحقق تلك الأسباب الغير المتناهية باق على شانه من دون ان يفيد تعينا لاحد الطرفين فلا يكون ما فرض سببا مرجحا سببا مرجحا فقد ظهر ان المفروض مستحيل من غير أن نستعين في بيانه باستحالة ذهاب السلسلة الغير المتناهية من العلل والمعلولات لأنها مما لم يحن حينه بعد بل من جهة ان ما فرضناه عله مخصصه لم يكن إياها فكان الشئ غير نفسه وهو محال.
وبالجملة الوجوب منتهى سلسله الامكانات والفعلية الذاتية مبدء انبثاث شعب القوى واعدام الملكات فلهذا قيل إن وجوب الشئ قبل امكانه وفعليته قبل قوته وصورته سابقه على مادته وخيره مستول على شره بل وجوده قاهر على عدمه ورحمه الله سابقه على غضبه كما سيتضح بك في مباحث القوة والفعل.
وبالجملة فقد صح اذن ان كل ماهية ممكنه أو كل وجود امكاني لا يتقرر ولا يوجد ما لم يجب تقرره ووجوده بعلته فلا يتصور كون العلة عله ما لم يكن ترجيحها للمعلول ترجيحا ايجابيا فكل عله واجبه العلية وكل معلول واجب المعلولية والعلة الأولى